وثمة مفارقة واضحة فى قضية هؤلاء الضباط الأبطال الذين شاركوا شعبهم الأبى فى ثورته السلمية الأعظم، ويمكن لنا أن نلخص الأمر فى مجموعة من الأسئلة البسيطة، فماذا حدث للضباط المجرمين الذين قتلوا شهداءنا الأبرار؟ وأين القناصة الذين شاهدناهم وهم يقتلون الثوار بدم بارد فى أيام الثورة؟ وأين الضباط الذين فقؤوا عيون شبابنا الثائر على الظلم؟ وماذا حدث مع الضباط الذين أمروا بإجراء كشوف العذرية على بناتنا؟ وماذا حدث مع مَن عرّوا فتياتنا وسحلوهن فى الشوارع؟ وماذا حدث لكل الضباط المتهمين فى قضايا قتل المتظاهرين؟

إن المفارقة مؤلمة جدًا، فمن وقفوا ضد شعبنا الثائر، واشتركوا فى جرائم القتل والنهب والتعذيب، تمت حمايتهم وتبرئتهم جميعًا، وكرّمنا قادتهم ومنحناهم أرفع قلادات الدولة، فى حين أننا سجنّا ضباطنا الأحرار الذين لولا نزولهم إلى الميدان فى جمعة «المحاكمة والتطهير»، ما تمت محاكمة المخلوع وبعض أعوانه، فالمجلس العسكرى كان مُصرًا على حماية رئيسه السابق، إلى أن تبين للعسكر أن حمايتهم لقائدهم المخلوع ستؤدى إلى محاكمة المجلس العسكرى ذاته، عندئذ قرروا تركه لمصيره، حتى ينقذوا أنفسهم. ولا بد أن يأتى يوم محاكمة هؤلاء القادة العسكريين الذين قتلوا شبابنا وسرقوا أموال شعبنا الفقير.