الخميس، 27 أكتوبر 2011


د. محمد غنيم: هناك خطة من الإخوان والفلول والمجلس العسكرى لتحجيم واختطاف الثورة الترشح للرئاسة الآن غير مفهوم.. وأحترم البرادعى وصباحى ونور لأنهم قالوا «لا» قبل الثورة

الأربعاء، 26 أكتوبر 2011 - 18:23
الدكتور محمد غنيم رائد زراعة الكلى فى الشرق الأوسط فى حواره مع اليوم السابعالدكتور محمد غنيم رائد زراعة الكلى فى الشرق الأوسط فى حواره مع اليوم السابع
حوار - هدى زكريا -تصوير - أحمد إسماعيل
Add to Google
نقلا عن العدد اليومى


قال العالم الدكتور محمد غنيم، رائد زراعة الكلى فى الشرق الأوسط، إن الأحداث التى شهدتها مصر مؤخرًا أمام مبنى ماسبيرو، وراح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى من صفوف الجيش والأقباط، جعلتنا نتساءل: هل ما حدث خلال الفترة من 25 يناير وحتى 11 فبراير كان ثورة أم انتفاضة؟ مرجعًا السبب الرئيسى فيما نراه إلى تخاذل الحكومة المصرية بعد 25 يناير فى اتخاذ القرارات الحازمة، واصفًا إياها بالحكومة غير الثورية، وفى حواره مع «اليوم السابع» وضع غنيم روشتة لعلاج الوضع الحالى، مشددًا على ضرورة استقرار الحالة الأمنية والقضاء على الانفلات الأمنى، وتنفيذ الأجندة الثورية بحذافيرها ابتداءً من المحاكمات الثورية وصياغة ورقة توافقية بين مختلف القوى السياسية حول المبادئ التى يجب أن يتضمنها الدستور الجديد، معلنًا عن سعيه لتشكيل كتلة وطنية مصرية تلتزم الحياد بين مختلف القوى الوطنية، ذلك لأن أحزاب ما بعد الثورة من وجهة نظره كالطفل الذى لم يكتمل نضجه بعد، مؤكدًا على أن البلد بحاجة لموظف بدرجة رئيس يمكن محاسبته والاختلاف معه وتغييره دوريّا، وفيما يلى نص الحوار..

كيف ترى المشهد الحالى فى ظل الأحداث التى تمر بها مصر، وكان آخرها واقعة ماسبيرو؟
هذا الحدث نتيجة تراكم نشأ عن عاملين، الأول التراخى الأمنى ابتداءً من معالجة حادثة أطفيح وعدم معاقبة الجناة بشكل حازم، والثانى هو التأخر فى صياغة وتفعيل قانون إنشاء دور العبادة الموحد، والعامل الأكبر وراء هذين العاملين من وجهة نظرى هو سؤال: هل ما حدث خلال الفترة من 25 يناير وحتى 12 فبراير كان ثورة أم انتفاضة؟

لكن خلال 18 يومًا ثورة لم نر يومًا التهجم على المتاجر أو حرق كنائس وعمليات سرقة وقتل.. كيف تفسر انتشار ذلك الآن؟
من المؤكد أن الثوار لم يقوموا بمثل هذه الأعمال سواء أثناء الثورة أو بعدها، وتلك الأحداث بدأت مع يوم 2 فبراير «موقعة الجمل»، وانتشرت بعد ذلك، ويبدو أن هناك خللاً فى المجتمع وبلطجية استثمروا الوضع الأمنى غير المنضبط.
وهناك دلائل تجعلنى أؤمن بوجود خطة لاحتواء وتحجيم الثورة وتشويه صورة الثوار، لأنهم لم يقطعوا الطرق أو يحرقوا الكنائس، ولكنّ هناك سعيًا لتشويه صورتهم حتى الآن، وآخرها الاعتداء على الداخلية والسفارة، والثوار لم يقوموا بهذا.

هل ترى أن تحقيق أهداف الثورة تأخر؟

منذ يوم 12 فبراير تم اختزال وتفريغ الثورة من أهدافها، سأعطى مثالاً مقارنًا بين 25 يناير 2011 ويوليو 52، بصرف النظر عن الموافقة أو الاعتراض، الإجراءات فى ثورة يوليو: الذين قاموا بالثورة هم الذين تولوا السلطة، وفى أيديهم كانت السلطة القوية، الخشنة والناعمة على حد سواء، أول شىء فعلوه هو أنهم حلوا الأحزاب وطبقوا قانون الغدر لمحاكمة الذين أفسدوا الحياة السياسية، ثانيًا أقاموا محاكم الثورة، وأسقطوا دستور 23، ووضعوا قانون الإصلاح الزراعى، هذه هى آليات الثورة، وأنا لا أقول أن نفعل مثلما فعلت محاكم ثورة يوليو التى أجهضت الاعتصامات وشنقت اثنين من العمال لأنهما شرعا فى الاعتصام، ولكن أرى أن كل من يحرق كنيسة أو يقطع طريقًا لابد من التعامل معه بشدة وبسرعة وبعدالة ناجزة، ويجب أن نعلم أنه بعد الثورة تحدث فترة انتقالية قبل استقرار الأمر، فعلى الرغم من أن الذين قاموا بثورة يوليو هم الذين استولوا على الحكم فإنه لم يحدث استقرار إلا فى نهاية عام 54، أى بعد سنتين من قيام الثورة.

وإذا اعتبرنا أن الثورة تم تفريغها من مضمونها فمن الذى يسعى للسيطرة على مكاسبها الأولية؟
- ثلاث فئات: السياسيون النمطيون الذين يطلق عليهم اسم «الفلول»، وبالقطع جماعة الإخوان المسلمين التى ترى أن هناك فرصة عظيمة للوثب على السلطة، لذلك فهى فى حالة تهادن وغزل مع المجلس العسكرى، وربما يكون المجلس العسكرى أيضًا، لكنى لا أعرف مدى طموحهم فى أن يستولوا على السلطة أو يمكنوا أحد أعضائه من ذلك.

وما رأيك فى أداء حكومة الدكتور عصام شرف؟
الحكومة ضعيفة، عليها أن تُرسى قواعد الانتقال إلى مصر النهضة، وكل هذه العوامل التى سبق ذكرها هى التى جعلت الوضع الموجود لا يخفى على أحد، لأنه بمنتهى البساطة الحكومة الموجودة ليس فيها رجال دولة، فرجل الدولة له شكل آخر، قادر على حسم الموقف فى كثير من القضايا، وإذا سألتِنى عن أداء رجل الدولة ومعالجة القضايا فسأقول لك: فى قضية مثل الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور لم يظهر أحد من المسؤولين يقول أستطيع أن أفعل أو لا أفعل كذا وكذا، وفقًا لإمكانيات الدولة، أو فى مثال آخر يتعلق بانتخابات أعضاء هيئة التدريس فى الجامعات، رجل الدولة فى هذه الحالة يقول إن الانتخابات ليست ملكًا لأعضاء التدريس أو الطلبة، ولكنها ملك للشعب، وإن الجامعات فى حالة ترهل وتراجع، ويحاول رجل الدولة أن يفعل ما تفعله الجامعات الخارجية التى لا يوجد فيها انتخاب أو تعيين، ولكن يتم فيها الإعلان المفتوح الذى يدعو للتنافس الأكاديمى، وبالتالى سيتبوأ المناصب القيادية الأعلى والأقدر أكاديميّا.

إذن أداء الحكومة فاشل..
أريد أن أعرف ما السبب وراء رفضنا قرض صندوق النقد الدولى؟ ونحن نعلم جميعًا أنه كان سيساعد فى مشروعات البنية التحتية والنهوض بأحوال العاملين، لأن أكثر الناس هم عمال اليومية، وإذا نهضنا بهم فبالتالى الاقتصاد سيبدأ فى النهوض، ولكن للأسف تأخرنا كثيرًا واذا كانت تمت الموافقة عليه منذ 4 أشهر لكان من الممكن إنجاز مشروعات كثيرة والانتهاء من وضع الدستور.

ما الذى نحتاج إليه؟ وكيف يمكن معالجة الوضع الحالى؟
ما نحتاج إليه هو استقرار الحالة الأمنية، وبسرعة، وأتصور أن هذه هى مسؤولية المجلس العسكرى ووزارة الداخلية، ثانيًا ضرورة وجود ورقة متفق عليها فيما يختص بالمبادئ العامة التى يجب أن يتضمنها الدستور؛ لأنه مهم جدّا أن يكون دستور مصر متفقًا عليه، ونضع بيانًا دستوريّا مُكملاً، ونجرى استفتاء عليه، ما المانع فى ذلك؟

فى رأيك ما أولويات ومتطلبات المرحلة الراهنة؟
المرحلة الراهنة بها مشاكل جسيمة، لأنه منذ يوم 12 فبراير لم يتعامل القائمون على الأمر وأصحاب القرار مع ما حدث وكأنه ثورة، بل تعاملوا معه كانتفاضة أو هبة، وليست ثورة، ذلك لأن الثورة لها آليات لم تُستخدم حتى الآن، أولها أن من يقوم بالثورة يجب أن يشارك فى العملية السياسية، وبالتالى فإذا قلنا إن القوات المسلحة الوطنية كان لها دور حقيقى، ولم تطلق رصاصة واحدة، فكان عليها أن تحدث نوعًا من الشراكة بين المدنيين والعسكريين سواء فى صورة مجلس وطنى أو مجلس رئاسى، ثانيًا فور حدوث أى ثورة لابد من إسقاط الدستور أو القاعدة الأساسية لما سبق، ويُدعى مجلس تأسيسى لصياغة الدستور من جديد لبناء القاعدة الأساسية، ولتوضيح قواعد العمل السياسى بعد الثورة.

ثالثًا من آليات الثورة أيضًا قوانين خاصة بالمحاكمات فى ظل الثورة كقانون الغدر والتعامل بحسم شديد مع بعض المواقف مثل حريق أطفيح على سبيل المثال وغيره من الجرائم التى تم التعامل معها بطريقة غير ثورية، بدلاً من محاكمة المجرمين فى محاكم ثورية بسرعة، وعلى أية حال أنا أتفهم أن يكون هناك اعتصام أمام محافظة قنا، ولكن لا أتفهم أن يتم قطع الطرق وخطوط السكة الحديد، كل هذا أدى إلى تآكل سلطة الدولة والتراجع فى هيبتها، وهذا هو الوضع الذى نعيشه، فهناك تراجع اقتصادى ليس السبب فيه الثورة، ولكن الأمن، هناك أيضًا دعوة لانتخابات فى ظل تناقض خاص بالوضع الأمنى، والسؤال هو: هل يستطيع النظام الأمنى الحالى إجراء انتخابات معقولة؟

وسط عدد المرشحين للرئاسة الذى يتزايد يومًا بعد يوم.. ما الملامح الأساسية للشخصية التى يرى «غنيم» أنها الأنسب لقيادة مصر فى المرحلة القادمة؟
بداية، كثرة عدد المرشحين شىء إيجابى فى حد ذاته، والشعب له الحق فى النهاية لاختيار من يراه الأصلح ليتبوأ هذا المنصب، ثانيًا أتصور من وجهة نظرى أن الترشح للرئاسة الآن عمل غير مفهوم، بل وقد أصفه بأنه غير وطنى، ذلك لأنه لا يوجد دستور حتى الآن يحدد نوع الدولة المصرية، فإذا كانت جمهورية برلمانية فلا داعى للترشح على الإطلاق؛ لأن البرلمان سيختار رئيسًا له دور شرفى، وإذا كانت جمهورية رئاسية فسيكون للرئيس دور فعال ومؤثر.

نقطة أخرى أراها، هى أن المرشح فى الجمهورية الرئاسية يجب فى رأيى - وعكس ما هو مكتوب فى التعديلات الدستورية والذى هو شىء فاضح - أن يتقدم للترشح مع نائبه فى بطاقة واحدة، ولكن الاستفتاء الذى استفتينا عليه فى 19 مارس - وهو مكتوب بعدم حرفية - ينص على أن الرئيس المنتخب يقوم بتعيين نائبه خلال 60 يومًا، وهذا يعنى أن أى رئيس من الممكن أن يختار ابن أخته، أو «واحد صاحبه» ليكون نائبه، الصحيح فى الجمهورية الرئاسية أن يكون الرئيس ونائبه على بطاقة واحدة.

وإذا طبقنا نظام الجمهورية الرئاسية فهناك عاملان مهمان للغاية يتم من خلالهما اختيار الرئيس القادم، وهما مصداقية المرشح، وبرنامجه، العامل الأول فى رأيى ينطبق على كل من قال «لا» بوضوح قبل 25 يناير، لأن هذا حد فاصل فى وجهة نظرى، مثل الدكتور محمد البرادعى، الدكتور أيمن نور وحمدين صباحى، فجميعهم طالبوا بالتغيير قبل الثورة، مش زى الناس اللى كانت فى الإمارات والكويت أو كانوا يحرِّمون الخروج على الحاكم.

أليس غريبًا أن نرى كل هؤلاء المرشحين ولم يعلن أحدهم عن برنامجه الانتخابى؟
- هذا صحيح، والبرامج المطروحة حاليًا للمرشحين ليست واضحة من وجهة نظرى، وبها نوع من الاسترضائية الشعبوية، والوضوح شىء مهم؛ لأنه من خلاله يمكن محاكمة الرئيس إن لم يلتزم ببرنامجه، فلا يكفينا أن يعد أحد بإصلاح التعليم أو تطبيق العدالة الاجتماعية إن لم يكن هناك خطوات محددة لتحقيق ذلك.

فى النهاية أنا أريد موظفًا بدرجة رئيس يمكن محاسبته والاختلاف معه وتغييره بصفة دورية، ولديه واجهة دولية وكاريزما على الرغم من أننى ضد فكرة الكاريزما والقدرة على الخطابة، لأن موضوع الزعامة انتهى فى كل دول العالم ويجب أن ينتهى فى مصر.

ما تعليقك على دعوة المجلس العسكرى للأحزاب والقوى السياسية والاجتماع معهم؟ وكيف ترى الوثيقة المنبثقة عن الاجتماع والتى تفيد ببقاء المجلس فى الحكم حتى 2013؟
دعوة لمجموعة محدودة، وتم فيها الفصال على عدة مواضيع من بينها المادة الخامسة من قانون الانتخابات، وهذا موضوع لا يفرق، لأن الدوائر الفردية اتسعت بشكل كبير، وأصبحت تضم مساحات وأعدادًا سكانية ضخمة جدّا، وبالتالى الذين يقدرون على ذلك هم من يمتلكون المال أو نفوذًا عائليّا، وهذا سيعيدنا لشغل العائلات والعصبيات، إضافة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تمتلك كثيرًا من الأموال التى تضمن لها النجاح، لذلك لابد من التمسك بنظام القوائم النسبية لصالح مصر.

وفيما يتعلق ببقاء المجلس فالتوقيت الصحيح لاختفاء المجلس العسكرى نظريّا هو فور انتخاب الرئيس، ولكن هناك قوى غريبة تطالب بمجىء الرئيس قبل انتهاء صياغة الدستور، وهذا غير سليم، لأن هذا سيفتح الباب أمام مشكلة هل هذه جمهورية برلمانية أم رئاسية، لذلك لابد من الانتهاء من صياغة الدستور وإجراء استفتاء عليه ثم إجراء انتخابات رئاسية، وصياغة الدستور فى مارس بعد انتهاء انتخابات مجلس الشورى والشعب واختيار المائة المتوافق عليهم أعضاء اللجنة التأسيسية لتتم صياغة الدستور وعمل استفتاء عليه، ثم تأتى مرحلة انتخاب الرئيس إذا كانت جمهورية رئاسية، واذا أصبحت برلمانية فسينتخب البرلمان شخصًا منهم ولن يصبح له صفة تنفيذية ولكن رمزية.

كيف يمكن استعادة الثقة بين الشعب والمجلس العسكرى؟

المجلس استلم مصر مقشرة، وجاهزة على الانطلاق، ولا أعتقد أن هناك قرارًا سياسيّا تم اتخاذه على مستوى السياسة العليا كان سليمًا، ابتداء من الاستفتاء وانتهاء بالقانون المنظم للانتخابات، كان من المفترض الآن أن يكون الموجود الدستور، وليس هناك مشكلة فى ذلك، وكان سيصبح لمصر مجلس رئاسى مشترك ودستور متفق عليه، ووقتها فى ظل مجلس رئاسى مشترك لن نخشى سيطرة أحد على السلطة.

كيف ترى مستقبل الجماعات الإسلامية السياسى؟
- الجماعاتv الإسلامية نوعان: الأولى السلفيون، والثانية المهتمة بالشأن السياسى، وهى جماعة الإخوان المسلمون، والمعروف أن السلفيين جماعات تمول وتسند من قبل الجماعات الوهابية، ولهم فكر غريب عن فكر الإسلام الوسطى، أما الإخوان المسلمون فلهم خط سياسى من الممكن أن تمنحهم صوتك أو لا، لكن يجب أن يتم ذلك فى إطار وجود دستور يؤكد على التعددية والحرية وحقوق المواطنة وليس ديمقراطية المرة الواحدة، أى ديمقراطية «الكلينيكس»، وهذه هى ضرورة وضع دستور قبل الانتخابات، لكن هذا لم يحدث للأسف.

ما رأيك فى أحزاب ما بعد الثورة؟
- الأحزاب وليدة الثورة، يجب أن تأخذ وقتها كأى مولود يأخذ وقته للنضوج، فالحزب بحاجة لمقر وصحيفة توصل آراءه وأفكاره للناس لكى يكون له فاعلية، وهناك مشكلات أخرى تخص الأحزاب الجديدة، من بينها أن هناك أحزابًا ذات مرجعية دينية مثل حزب النور، على الرغم من أن قانون الأحزاب يمنع إنشاء أى حزب على أساس دينى، كما أن هناك ما يقرب من 6 أحزاب منبثقة من بطن الحزب الوطنى مثل مصطفى السعيد وحسام بدراوى، نحن نحاول وضع شىء آخر، وهو قضية الكتلة المصرية الوطنية التى تضم الأحزاب، يمكن وصفها بالمدنية التى تدعو للحكم المدنى، تضم ليبراليين واشتراكيين، ولكى نصنع هذه الكتلة وننسق بينها يجب أن نكون على مسافة متساوية من الأحزاب.

ما الذى نحتاجه لتنفيذ المشاريع التنموية فى المرحلة المقبلة كمشروع غنيم الطبى ومشروع زويل العلمى ومشروع فاروق الباز الاقتصادى، وهل يمكن تكرار تجربتك الطبية مرة أخرى فى الوقت الحالى؟
- أن يكون التعليم الأساسى والجامعى والبحث العلمى من أولويات أى مشروع قومى للحكومة الجديدة المنتخبة، ومشروعى ليس تجربة فريدة، ولكنه نجاح تكتيكى محدود، ولكننا للأسف نعمل تحت مظلة قانون فاسد يسمى قانون الجامعات، ولكى نغير مستوى الجامعات لابد أن نغير قانونها، وإذا أردنا تحسين التعليم فعلينا أن نضع موازنة مناسبة، والشىء نفسه بالنسبة للبحث العلمى، لا يكفى أن نخصص له 2 من عشرة فى المائة من إجمالى الناتج القومى ونقول إن البحث العلمى يتحسن لأننا بذلك «كدابين».

ومن أفضل المرشحين للرئاسة حتى الآن؟
- كل الناس الذين قالوا «لا» قبل الثورة، ولكن قبل أى شىء أريد أن أرى برامجهم لكى أختار، وإذا تحدثنا عن رؤية أولية لهذا الأمر, سأختار البرادعى، لأن دوره كان مهمّا بعد مجيئه إلى مصر، ومطالبته بالتغيير وابتكار أسلوب التوقيعات الإلكترونية، واهتمامه بحشد الشباب على وجه الخصوص، ولديه أيضًا وجهة دولية، وعقله مرتب، وسياسى جيد، وتحليلاته السياسية سليمة، وكل ما قيل للهجوم عليه يحسب له، ومن يتحدث عن دوره فى حرب العراق فعليه أن يطلع على التقرير الذى قدمته منظمة الطاقة الذرية إلى مجلس الأمن قبل أسبوعين من العدوان على العراق، جاء فيه أنه لا يوجد دليل على وجود أسلحة دمار شامل فى العراق. ولذلك مُنح جائزة نوبل هو ومؤسسته. ومحمد سليم العوا ربنا يعطيه الصحة، لكن أحب أن أسأله: أين كنت قبل الثورة؟ وهل طالبت بالتغيير؟ وهل يجوز استخدام ألفاظ مثل: الذين يطالبون بالدستور أولاً هم شياطين الإنس، وأن المجلس العسكرى هو قرة الأعين.

العسكر و«عريان بن فلتكان»
Wed, 26/10/2011 - 08:00

196
فى نهاية نهار طويل فى أحد أيام ديسمبر 2012، رئيس مجلس الشعب يرفع الجلسة بعد موافقة حزب الأغلبية على التمديد للعسكر ليظلوا فى السلطة فى بلاد «تحريرستان»، فبعد جلسات وجلسات رفعت فيها الأحذية ونتفت فيها الذقون، وتداخلت فيها هتافات «الله أكبر ولله الحمد» مع شعار الأغلبية «الإسلام هو الحل»، انتهى السجال بهتافات «النواب والجيش إيد واحدة» مع لافتة كبيرة خلف المقاعد تشابه لافتات الثكنات العسكرية نصها «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة».
قاد «عريان بن فلتكان»، زعيم الأغلبية، فريقه بالإشارة والعين والحاجب، مع كلمات مأثورات عن الغزوات المباركة للعسكر، ليصفق الجميع بعد غمزة منه، واسترسل فى حديثه ليقف واحد من الفلول صارخاً بأعلى صوته «الجنرال حامى الثورة هو سيف الثورة المسلول.. إنه خالد بن الوليد الألفية الثالثة»، يفتح «فل آخر» فاه، ليسأل جاره السلفى «مين خالد بن الوليد ده؟» فيرد «خسئت ألا تعرف من إسلامك شيئاً.. لا بأس، تعالى إلى درس الشيخ (الكوينى) ليعلمك دينك».
يخرج ليبرالى وآخر يسارى يهتفان فى القاعة «يسقط حكم العسكر»، ولكن يسكتهما رئيس البرلمان «الليبرالى» بتاع الصفقات، ويسمح لأحد صقور الإسلاميين بالكلمة فيسم الله ويبدأ حديثه قائلاً «لا يولى عليكم سوى تقى»، وهؤلاء - مشيراً إلى صورة فى يده تضم قادة الفيالق الرئيسية العشرة - «سيماهم على وجوههم من أثر السجود» إنهم الأتقياء الأنقياء، الذين سيقيمون الأمر بالقسط، وينشرون شرع الله.
القاعة الملتهبة بالضجيج، يطلب منها رئيس المجلس الهدوء مستخدماً مطرقته الكلاسيكية، ويعلو صوت أذان المغرب، فلم تتوقف المشاحنات والملاسنات، يقف على مقعد أحد الأقباط المنتمين لحزب الأغلبية ليذكرهم بالصلاة، فيعلو صوت أحدهم بالأذان ليُسكت القاعة لكن لم تفلح محاولاته، ويردد وكيل المجلس قائلاً «العمل عبادة» ويعلو صوته بوصايا الإمام الشهيد عن العمل وفائدته للمسلم، لتستمر الجلسة.
يجلس فى الصف الأمامى «فل» من «ترزية» القوانين، ليتحدث عن قانونية المد، ويعدد المآثر للتمديد لأن البلاد بدونه ستكون فى «مهب الريح»، تصفق القاعة بعد إشارة من «عريان بن فلتكان»، مع استهجان من نواب المعارضة الذين يشيرون إلى نواب الأغلبية بأنهم خانوا دم الشهداء. المانشيتات فى صحف اليوم التالى ما بين موالية ومنتقدة، جريدة «الأفلام» تكتب على صفحتها الأولى «البرلمان يختار الاستقرار ويرفض الفوضى»، و«الأحبار» ألغت صفحتها الأولى لتستبدلها بفراغ أبيض يتوسطه باللون الأحمر عنوان عريض «الشعب ينتصر للشعب»، وفى صحيفة «الحنجورية» الموالية يخرج المانشيت مدعوماً باستطلاع رأى لمركز الدراسات «الكيماوية والليمفاوية» يؤيد فيه 99% من المواطنين حكم العسكر، مع تصريح من الدكتور «كمال القواد» مدير المركز.
وفى الصحف الخاصة تراوحت العناوين بين النكسة والخيانة، والتهبت الصفحات بالمقالات النارية عن الثورة التى سرقها العسكر.
النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى يتحللون كعادتهم من لباس الحياء، لتجد الحاء والخاء فى كلماتهم مع دعوات بالإضراب العام لإسقاط حكم العسكر بعنوان «لا للتمديد.. لا للعسكر»، وينعتون أعضاء حزب الأغلبية بأوصاف كل ما يركبه بنو البشر!!
وتتزايد الأجواء سخونة، وتعتقل السلطات الكاتب «ولاء الأصفهانى» و«مغوار على حسين» بتهمة التحريض، ويخرج وزير إعلامهم ليقنن تكميم الأفواه، ومعه طبلته المفضلة وفرقته الماسية على غرار الإخراج الناجح لملحمة «تشرين الأول».
الشارع يغلى والمخلصون يتوجهون لميدان الاستقلال، ليبدأوا ثورة جديدة، ومعهم صور الطغاة مقتولون ومنفيون ومعتقلون، مع مزابل جديدة وضعوا فيها صوراً للمتمددين - من التمديد - ومعها بالطبع صور الانتهازيين الكارهين معنى الحرية.
كلمة أخيرة: ما قرأته سابقاً خيال مريض لكاتب كاره للاستقرار ويسعى للفوضى وبيحب إعلانات «استرجل».


الثورة فى مصر ستقوم بعد الانتخابات
Wed, 26/10/2011 - 08:00

1,334
كيف تقول بأن الثورة ستقوم بعد الانتخابات، ألم تكن هناك ثورة شهد لها العالم بأنها أهم ثورة حدثت فى التاريخ، وأن اسم ميدان التحرير الآن هو رمز للثورة من القاهرة، عبوراً بلندن حتى نيويورك، ماذا دهاك؟ ألا تجد فى نفسك ما
يشجع هذا الشعب على المضى إلى الأمام؟ هكذا قال صاحبى عندما قلت له إن الثورة فى مصر ستقوم بعد انتخابات مجلس الشعب المقبلة، وهنا أقصد الثورة
 الثالثة. وليتريث البعض قبل إصدار الأحكام كى يفهموا الموضوع، ثم بعدها يحكمون على الأمر، ولا نأخذ الكلام «من شواشيه» كما يقولون بالعامية المصرية.
بداية، ولنتعرف على ما أرمى إليه، لابد أن نواجه حقائق محددة فيما يخص ما حدث فى مصر، فبينما يتحدث الجميع عن ثورة واحدة، وأن الجيش والشعب يد واحدة، أقول إن هناك ثورتين، فالجيش والشعب كانا يريدان ثورتين مختلفتين، ولم يكونا أبداً يداً واحدة كما كان يقول الشعار.
كانت فى مصر ثورتان، إحداهما على جمال مبارك وشلته، وهى ثورة قامت بعد تردد شديد وهمهمات داخل الغرف المغلقة لقيادات الجيش ولم يتجرأ
أصحابها بالجهر بمطلبهم إلا عندما رأوا جموع المصريين فى الشوارع فى 25 يناير وما بعد. أما الثورة الثانية فهى ثورة قامت على مبارك ونظامه، وقام بها الشباب الراغب فى تغيير النظام ونقل مصر إلى عالم مختلف. وبين الثورة
والثورة وقفت جموع مختلفة تبحث عن غنيمة أو فريسة، فالبلطجية مثلاً قسموا أنفسهم بين «بلطجية الثورة» و«بلطجية النظام». وبالطبع لا يجرؤ أحد على
 الحديث عن أنه كانت للثورة بلطجية، فالثورة التى فى مخيلتنا، أقصد الشعبية منها، كانت نقية ورائقة كماء النيل بعد هدوء الفيضان، لكن من كانوا فى الثورة منذ اليوم الأول يعرفون أن الذى هزم الداخلية لم يكن شباب الثورة،
بل الذين جاءوا من العشوائيات المحيطة بالقاهرة، وهم من أنهكوا الأمن المركزى لأنهم متعودون على لقياه بعد كل مباراة من مباريات الأهلى والزمالك،
 ولكن ليست هذه هى القصة.. المهم أنه كما كان للنظام بلطجيته فى موقعة الجمل، كان للثورة بلطجيتها فى البداية، ولكن تدريجياً انزوى عن الثورة بلطجيتها
الفيزيائية، وتزايد بلطجية النظام، خصوصاً بعد فتح السجون وصولاً إلى موقعة الجمل وما بعدها، أما الثورة فقد انحصر بلطجيتها فى الإعلام والتشويه وفى الباحثين عن الغنائم. فالثورة كانت كموقعة أُحد، انشغل الناس فيها
بالغنائم، فخسروا الثورة لكفار قريش، وبالكفر لا أعنى المفهوم الدينى ولكن من كفر بشىء هو من غطاه وأنكره، شىء قريب من كلمة الإنجليزية «cover» التى تتشابه معها فى النطق. كفر هؤلاء بالثورة وذهبوا للغنائم ولما لم يجدوها
وجدوا ضالتهم فى أموال فلول النظام وتجاره. وأيضاً تلك تفصيلة لا يجب التوقف عندها كثيراً. فالمهم فى كل هذا هو أن الثورة على مبارك ونظامه قد
 فشلت، فقط نجحت الثورة على جمال مبارك وشلته متمثلة فى سيطرة المجلس العسكرى على الحكم وما سيتبع العملية السياسية من مكاسب للعسكر.
 نزع القائمون على الحكم بعض صفحات من كتب عملية السلام عند بنيامين نتنياهو وطبقوها على مصر بعد الثورة، ففى عملية السلام أدخلنا الإسرائيليون فى العملية وتركوا السلام كهدف، ومازلنا نبحث عن السلام ولكننا غارقون منذ سنين فى تفاصيل العملية، لدرجة أن الكثيرين منا من نوعية المفاوض
«الفلسطينى» نسى الهدف الأساسى وهو السلام وانخرط فى تكتيكات العملية.
الناس فى مصر نسيت الثورة وأهدافها وانخرطت الآن فى العملية، انتخابات مجلس الشعب وانتخابات الشورى، وهوية الدولة ومن بعدها معركة الدستور،
ورؤية عمرو موسى للدولة، وقانون دور العبادة، «موحد»، أو «مش موحد» بالله. نسى المصريون الثورة، وبدت الثورة كأتوبيسات القاهرة، «يتشعبط»
فيها الناس باحثين عن مكان بينما يصيح المجلس العسكرى، «ادخل ادخل الأتوبيس - قصدى الثورة - فاضى جوه»، وبالفعل أصبحت الثورة فاضية جوه، مفرغة من مضمونها، فقط ناس متشعبطة على التليفزيونات والمنابر
 باحثة عن غنيمة أو موقع قدم، رغم أن المجلس ينادى بجد، الأتوبيس فاضى جوه، بمعنى «مفيش حاجة، خلاص الثورة خلصت». وهنا أقصد الثورة بمعناها الشعبى ضد مبارك وأركان نظامه، فمبارك باق والنظام باق، وأمن الدولة باق، والأمن المركزى باق.
أما الثورة على جمال مبارك فهى الثورة التى نجحت، قُضى على التوريث من الأب إلى الابن، ولكن بقى التوريث من عسكرى إلى عسكرى آخر، أو عسكرى بشراكة إخوانية أو سلفية، أو عسكرى محاط بصيحات
«المتشعبطين» على سلم الثورة والباحثين عن مكان فى الثورة «اللى فاضية قوى جوه». لهذا لابد للشعب أن يعى أن الثورة الشعبية الأولى تم إجهاضها تقريباً، وأن الثورة ضد جمال وشلته هى التى نجحت، ومن هنا لا يبقى أمام الشعب إلا أن يقوم بالثورة الثالثة،
 وهذه سوف تحدث بعد انتخابات مجلس الشعب، بعد أن ينظر المصريون إلى وجه النظام الذى أنتجوه بعد الانتخابات الحرة «قوى» والنزيهة «قوى» التى مارسوها، ليجدوا أنهم أنتجوا نظام مبارك من غير جمال وأحمد عز. هنا تنظر مصر إلى وجهها فى المرآة، فلا ترى إلا التجاعيد القديمة، وقد ذهبت
 - وفى فترة وجيزة - نضارة الشباب التى رأيناها فى الفترة من 25 يناير إلى 11 فبراير 2011، ووقتها فقط ستقوم الثورة بجد.