علينا أن نعترف، ونحن نتجرع مرارة العار، أنه لا يوجد وطنى واحد فى هذه الأمة يهمه مصلحة البلاد وسعادة الشعب، الكل يبحث عن مصلحته الشخصية، والكل يُدار من لانجلى حيث موقع المخابرات المركزية الأمريكية. واشنطن تحكم مصر بشكل كامل لا ريب فى ذلك. ولا يوجد هناك أدنى شك بأن ضابط المخابرات الأمريكى يدير مصر كما تشاء المصلحة الأمريكية، وأكبر دليل على ذلك هو القرارات المتأخرة التى تتخذ من الداخل، التأخير يدل على انتظار الأمر، التليفون أحيانا يتأخر، فارق التوقيت هو سبب ذلك التعطيل، وإذا لم يأت الأمر الأمريكى يُصاب الجميع بالشلل التام وتجد القرارات مصرية معتادة، بليدة وعاجزة مثلهم تماما. الإخوان يقدمون فروض الطاعة والولاء بعد كل صلاة فجر، الصلاة جماعة والقسم على طاعة السيد الأمريكى أولا، ثم طاعة المرشد ومن خلفه.
الإخوان فى الحكم لأغراض أمريكية بحتة، لهم دور مرسوم بعناية، التوغل والسيطرة، الحياة استقرت فى الصومال، قائد جيش المجاهدين الأسبوع الماضى كان فى مكتب الإرشاد، أخذ الأمر والأموال وعاد، وانتهت الأزمة فى الصومال وسيطر الأمريكان عليها، وعلى الجانب الآخر من المضيق هبط المارينز بشكل واضح فى اليمن وأصبح مضيق باب المندب بضفتيه تحت السيطرة الأمريكية كاملا، وفى القريب ستدخل وحدات من الجيش المصرى سوريا، ورغم النفى الرئاسى المعتاد فإن الأمر الأمريكى نافذ لا محالة، وحدات مصرية تحت أى مسمى، وقد لا يعلم الشعب عنها شيئا -هل كان أحد يعرف أن هناك قوات مصرية دخلت بغداد فى 2003؟- ستدخل القوات إلى حلب عن طريق تركيا لينتهى عصر الأسد إلى الأبد بيد الإخوان، والإخوان هناك على أتم الاستعداد لتولى الحكم، ولو تتبعت بياناتهم التى تخرج بين الحين والآخر ستجدها نفس بيانات الإخوان فى مصر فى وقت الثورة وما بعدها، طمأنة الشعب، مشاركة لا مغالبة، والشعب هو الذى سيختار، والحفاظ على مدنية الدولة ووحدتها وعلى كل اتفاقياتها، نفس التصريحات ونفس البيانات، سيتم ذلك عندما يعلن الأخضر الإبراهيمى عن فشل مفاوضاته مع الأسد، ولا يوجد حل سوى التدخل العسكرى العربى ورفض التدخل الأجنبى.
وهكذا تنضم سوريا إلى الحكم الإخوانى وللحضن الأمريكانى. أما فى المشكلة الفلسطينية فقد تم ترتيب الأوراق بأن يعلن فى القريب عن الدولة الفلسطينية عاصمتها غزة أو رام الله على المساحة الجغرافية الفلسطينية المصرية، والأمر لن يكون كما يراه السذج بتخصيص أرض بشكل واضح فى مشروع تبادل الأراضى، بل سيكون عن طريق المناطق الحرة فى المدن الثلاث، رفح والعريش ونويبع، ولو قست تلك المساحة ما بين المدن الثلاث ستجدها 300 كيلومتر، وهى المساحة المتفق عليها، مناطق متاحة للجميع فى الدخول والخروج دون أى قيود تحت هذا المسمى، وهنا ستنتهى مشكلة الدولة الفلسطينية برجالها الجدد بعد إبعاد مشعل من منصبه.
الإخوان هم يد الأمريكان فى المنطقة. اليد الطاهرة البيضاء المخلصة الطامعة فى الحكم تمد يدا للسلام ويدا للبطش وللانتقام.
ويظنون بأن استغلال أمريكا للوصول إلى الحكم هو قمة الدهاء السياسى، وأنهم يلعبون بالأمريكان السذج الذين قد سخّرهم الله لخدمة الدعوة الإخوانية، ولا يعرفون ما القادم، لن يكونوا أغلى عندهم من مبارك وصدام وبن على وشاه إيران والسادات.
المتغطى بالأمريكان عريان، وهم لن يفعلوا شيئا من أجل المصريين، بل يلعبون عليهم، يشغلونهم هذه الأيام بحكايات تثير الضحك، يسربون للصحف ولرجالهم فيها إما بالمال وإما بالولاء، بأن هناك خلافا ما بين الشاطر ومرسى، وكلام وتفاصيل ومعلومات حول ضيق الشاطر بانفراد مرسى بالحكم وعدم الرجوع إليه فى اختيار الوزارة والمحافظين، ونسوا تسريباتهم قبل إعلان الوزارة وحركة المحافظين بأن مكتب الإرشاد يدرس ملف التغيير الوزارى وملف المحافظين، بلسانهم قالوا ذلك، والحقيقة التى لا بد أن يعلمها الجميع أنه لا يوجد خلاف نهائيا ما بين الشاطر ومرسى، وكل ما يُنشر كذب، كى يقول الناس بأن مرسى ينفصل عن الجماعة وعن هيمنة الشاطر. الثالوث المقدس مرة أخرى يحكم مصر.
كان مبارك وسوزان وجمال، وأصبح مرسى والشاطر والمرشد، وبجانب تلك التسريبات المضحكة تظهر فقاعات أخرى كمواد الدستور والاختلاف على سن الزواج، وهو أمر من المستحيل أبدا العبث به، لأننا منضمون إلى اتفاقيات دولية، قد نتعرض لعقوبات صارمة لو خالفنا تلك الاتفاقيات. بل إن هناك وفدا من الاتحاد الأوروبى جاء إلى مصر منذ أسبوعين وحضر ليراقب جلسات الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور. ولن يكتب دستور مخالف للأعراف الدولية حتى لو كره الإخوان والسلفيون والكفار، وهم يعلمون جيدا أن اللجنة التأسيسية ستحل.
لا ضرر ولا ضرار ما دامت السلطة التشريعية والتنفيذية فى يد الرئيس التى هى فى إيد الإخوان، لا شىء، الاقتصاد كما هو منحدر، وصل إلى درجة أن الدولة تطبع النقود لتسدد مرتبات العاملين فيها، وستجد من الشهر القادم لو أنت من العاملين فيها مرتب حضرتك فلوس جديدة لانج، تدبح بها رقبة العصفور، لأنها مطبوعة منذ أول أغسطس.
لا أمل فى أى تقدم فى ظل حكم الإخوان، لن تجد غير اللف والدوران والحجج وإطلاق البالونات وإشغال الناس. وسيكون عنوان دولتهم، العمالة والتجارة والفقر والمرض والجوع والأزمات، ولا شىء آخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق