السبت، 14 يوليو 2012

المُعَطَلة عقولهم


بعد معاناة بلد ما من فترة حكم فاسد وملوث لزمن طويل.. لا يمكن لتلك البلد أن ترتقى إلى فتره جديده متحضره ونظيفه قبل المرور أولا بفتره إنتقاليه همجيه يحكمها الجهل وتتزعمها الغوغاء.. هذا هو منطق الأمور الطبيعى الذى لا ينبغى أن نتعجب منه.. ففترة الحكم الفاسده فاسده لإفسادها عقول الشعب عبر سنين وسنين من التخلف والقمع.. إذن.. طبيعى جدا جدا بعد إنتهاء فتره فاسده مثل تلك أن يخرج الشعب إلى الحياه الجديده وأكثر من ثلاثة أرباعه فى الطراوه على مستوى التفكير المنطقى والعقلانى.. وعندها لا ينبغى أن تنتظروا من الفتره المتحضره أن تبدأ على طول.. طب تبدأ على طول بأمارة إيه؟!
و بالتالى.. عقول تمت تغذيتها بكافة أنواع الأكاذيب والخرافه وتم التلاعب بإدراكها وبجميع خلاياها المسؤوله عن الإبتكار والإبداع.. لا تنتظروا منهم أن يختاروا من لا يشبههم ليعبر عنهم.. لأ طبعا.. سوف يختارون من يشبهونهم.. فمن أصلح ممن هو غير قادر على إستخدام عقله للتعبير عمن هم غير قادرين على إستخدام عقولهم؟!
لهذا.. لا تلوموا البسطاء من الشعب لإختياراتهم.. فهم ضحايا للنظام السابق الذى أفسد عقولهم.. ذلك الإفساد لعقولهم كان مناسبا تماما لتستفيد منه جماعه يعتمد قوامها الرئيسى فى الأساس على تعطيل خلايا الإبداع والإنسياق وراء القطيع بدون تفكير.. وطالما نتحدث عن سياسة القطيع.. إذن لن يسألهم أحد تلك الأسئله الرخمه من عينة.. « وإشمعنى رفضتوا هنا الخروج للتظاهر.. ووافقتوا هنا على الخروج للتظاهر «؟!.. فتلك الأسئله لا يسألها الأتباع لأمرائهم وقادتهم.. فالحكم فى ظل نظام تعطيل خلايا العقل المسؤوله عن التفكير حكم مريح طالما ظل الجهل هو السائد.. والجهل هنا ليس بمعناه الضيق بتاع التعليم والأميه.. لأ.. وإنما بمعناه الواسع بتاع الوعى وإتساع الأفق والقدره على إستخدام العقل فى السبب الذى من أجله خلقه الله لنا.. ألا وهو التفكير!
و لا تلوموا أيضا هؤلاء المستغلين لذلك التعطيل الإرادى والمقصود والممنهج لخلايا التفكير فى عقول البسطاء.. حيث أنهم بدورهم ضحايا لآخرين قاموا بتعطيل خلايا أمخاخهم.. وإذا أضفنا إلى ذلك إكتشافهم لأن تعطيل الخلايا بيجيب فلوس كتير.. بدليل تلك الإمبراطوريه الإقتصاديه الضخمه التى يمتلكها المعطلة عقولهم.. إذن.. لا تلومونهم.. فالسبوبه أكبر من أن يتم التخلى عنها.. والنحتايه أضخم من أن يفرطوا فيها.. والأخلاق فى الأول وفى الآخر نسبيه وما فيهاش ثوابت.. ورائحة أوراق البنكنوت جميله.. وكراسى السلطه ناعمه ومريحه.. والناس كده كده ملعوب فى عقولها على مدار ستين سنه والمرمه جايالنا على الطبطاب.. إذن.. حلوه وساقعه.. ما نحكمش ليه؟!
و اعلموا أعزكم الله أن تلك الفتره الإنتقاليه الجاهله ليست إختياريه وإنما هى إجباريه تبعا لما تنص عليه جميع قواعد المنطق.. فتره فاسده يتم فيها خربأة العقول فيتدحدر حال البلد.. ثم فتره جاهله يتم فيها إستغلال تلك الخربأه التى حدثت فى العقول أثناء الفتره الفاسده فيتدحدر حال البلد أكثر وأكثر.. بعدها يصبح الناس مستعدين للدخول فى الفتره المتحضره.. بعد أن يلاحظوا أن الحاله بتتدحدر أكثر وأكثر.. وأن حكم الفساد مثله مثل حكم الجهل.. الإتنين لن يسهموا سوى فى جعل الفقير أكثر فقرا والجاهل أكثر جهلا.. وعندما يكتشف الناس أنهم إنضحك عليهم للمره الثانيه.. عندها سوف يجدون الفتره الثالثه واقفالهم فاتحالهم حضنها.. الفتره الثالثه المتحضره.. والتى لا تحتوى على فسده أو جهله أو إنتهازيين أو مستغلين من أى نوع!
إن الفتره الإنتقاليه الجاهله بمثابة كوبرى لا يمكننا أن نعبر من الفتره الفاسده إلى الفتره المتحضره سوى من خلاله.. إنها الفتره التى يتم فيها قطع الشك باليقين عشان ما يطلعلناش حد واحنا فى الفتره المتحضره يقولك.. « طب مش كنا جربنا حكم الجهله يا جماعه «؟!.. آدينا حنبقى جربناه وخلصنا!
لهذا.. يمكنكم أن تتعاملوا مع حكم المُعطَلة عقولهم وكأنه إصابه بمرض الجدرى أو الحصبه.. بتجيلنا مره واحده واحنا صغيرين.. بس بعد كده.. بنخف.. وبيبقى عندنا منها مناعه.. وما بتجيلناش تانى أبدا!
( ينشر للمرة الثانية للتأكيد على عدم القلق من تلك الأيام الساذجة والجاهلة والضحلة التى نعيشها اليومين دول.. والتى سوف تنتهى قريبا.. بشكل أسرع مما تتصورون).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق