الإجابة القاطعة تتضح من خلال ما يلى:
1- قبول اشتراك الإخوان فى لجنة تعديل الدستور عقب الثورة، والدعوة إلى الاستفتاء الشعبى على التعديلات، كان إقرارا من جماعة الإخوان بأن دستور 1971 لم يسقط ولا يزال هناك من بين رموز الإخوان من يدافع عن ذلك وهم قانونيون، ومن ثم فكأن الثورة لم تقم إذن، حيث كان من مطالبها إسقاط دستور 1971، وتشكيل هيئة شعبية لإعداد دستور جديد للبلاد.
2- قبول الإخوان الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011، ومن قبله الإعلان الدستورى الأول فى 13 فبراير، وبينهما التعديلات على دستور 1971 وإجراء الاستفتاء، بينما صدر الإعلانان الدستوريان بلا استثناء، هو تأكيد لقبول هيمنة وسيطرة واستيلاء المجلس العسكرى على السلطة فى البلاد، وبالتالى الخضوع لأطر غير ثورية.
3- قبول الإخوان المسلمين الإعلان الدستورى الثالث فى 25 سبتمبر 2011، والقاضى بتعديلات على إعلان مارس 2011، خصوصا المادة 38 المتعلقة بالنظام الانتخابى، والتى بموجبها تم إجراء الانتخابات لمجلسى الشعب والشورى، على نظام الجمع بين القوائم والفردى، الأمر الذى أفضى إلى حكم «الدستورية» فى 14/6/2012 ببطلان انتخابات مجلس الشعب وبطلانه، استنادا إلى عدم دستورية قانون الانتخابات، الذى تجاهل مبدأى المساواة وتكافؤ الفرص. وهو الأمر الذى حذرتُ -مع آخرين- منه فى مقالات وأحاديث مختلفة، دون أن يسمع أحد، ومن ثم يصبح الإخوان مع المجلس العسكرى هم المسؤولين أولا عن عدم دستورية هذا القانون وبطلان المجلس، وهم المسؤولون أيضا عن إهدار 5 مليارات جنيه قيمة تكاليف انتخابات مجلسى الشعب والشورى طوال خمسة أشهر (أكتوبر 2011 – فبراير 2012).
4- قبول الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة دخول الانتخابات رغم عدم صدور قانون «العزل السياسى» مستندين إلى العزل الشعبى وثقتهم بالفوز باكتساح، الأمر الذى قاد إلى دخول أكثر من عشرين نائبا من نواب الحزب الوطنى المنحل إلى برلمان ما بعد الثورة، وحاول الإخوان بالضغط الإعلامى أن يسموه «برلمان الثورة»!
5- رفض الإخوان إنشاء المحاكم الثورية لمحاكمة رموز الفساد وأركان نظام مبارك بسرعة لإنهاء هذا الملف على خلفية احترام النظام القانونى والدستورى القائم، وبعد تكوين البرلمان وانتخابه رفض الإخوان تمرير مشروع قانون للمحاكم الثورية بحجج واهية تدور كلها حول قبول التعامل مع النظام القانونى واحترامه، وقبول التعامل مع نظام مبارك!
6- عدم تبنى أجندة الثورة فى جدول أعمال مجلس الشعب، وتعاملت الأغلبية (إخوانا وسلفيين) على لائحة مجلس الشعب لنظام مبارك، وأبقى الكتاتنى رئيس المجلس الإخوانى على قيادات المجلس الفاسدة، وأغلبها من أمن الدولة والمخابرات والقوات المسلحة… إلخ، الأمر الذى يؤكد عدم ميلهم إلى التغيير الجذرى، مع ميلهم إلى الإصلاح التدريجى البطىء والممل، وهو ذاته منهج حسنى مبارك، إلى حد أن صوّرهم البعض على أنهم الوجه الآخر لنظام مبارك، ومن ثم انتفت عنهم صفة «الثورية»، التى تعنى التغيير الجذرى، وبالتالى تسقط المرجعية الخاصة بالشرعية الثورية، وتغلب عليهم صفة الشرعية القانونية.
7- عند تهديد مصالحهم السياسية، يستندون إلى الشرعية الثورية، وظهر ذلك بقانون «العزل السياسى»، الذى تبنوه متأخرا عندما ترشح عمر سليمان، وحديثه عن صندوق الإخوان الأسود، وكذلك عند حل البرلمان بحكم المحكمة الدستورية فى 14/6/2012، كان قرار مرسى بعد نجاحه هو عودة البرلمان، على الرغم من عدم دستوريته! الأمر الذى يؤكد أنها ازدواجية الإخوان فى سلوكهم السياسى، وغموض رؤيتهم فى خطابهم السياسى!
8- عند ثبوت عدم دستورية قانون العزل السياسى، الذى جاء متأخرا وغير شامل، وصدر لمواجهة أشخاص أكثر منه مواقع ومناصب للفاسدين السياسيين فى عهد مبارك، قَبِل الإخوان ومرسى دخول الإعادة أمام شفيق، وكاد يكسب شفيق، لولا…، مما كان يؤكد أن الثورة لم تقم، وكان المتحمل لهذا هم الإخوان، ولم يصدر حتى الآن عن مرسى أى قرارات بالتطهير السياسى والعزل الشامل لقوى الفساد، بينما اتجه بقراراته إلى إعادة البرلمان المنعدم لممارسة عمله، على خلفية إصرار الإخوان المسلمين على الاستحواذ على السلطة، لا على العمل وفق شرعية الثورة ومتطلباتها، سعيا لفرض أجندتهم. مما تقدم، وباختصار -فالجعبة فيها الكثير- يتأكد أنه لا يحق للإخوان تبرير تصرفاتهم على خلفية «الشرعية الثورية»، لأنهم أكثر التزاما مع «الشرعية القانونية»، وهو ما يؤكد أنهم حريصون كل الحرص على استمرار النظام السابق، بآلياته الاقتصادية والسياسية، وإصلاحات شكلية. ويكفى أن مرسى حلف اليمين أمام المحكمة الدستورية التزاما بالإعلان التكميلى للإمساك بالسلطة، وحاول استدعاء البرلمان على خلفية ثورية، فانتفض الجميع ضده تأكيدا لمرجعيته القانونية، ولو التزم الإخوان بالشرعية الثورية منذ 11 فبراير 2011، لكنت أول من يقف معهم، ولا يزال الحوار مستمرا ومتصلا والثورة مستمرة ومنتصرة، بإذن الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق