فى الوقت الذى نندب فيه حظنا الذى أوصلنا من حكم الدولة العسكرية إلى حكم الإخوان المسلمين، ويتحول الربيع العربى أمام أعيننا إلى خريف إسلامى، نجد دعاة الدولة المدنية فى ليبيا يتقدمون بشكل ملحوظ فى أول انتخابات بعد الثورة من خلال حزب التحالف الوطنى الليبرالى الذى يقوده محمود جبريل، كما يقف حماة الدولة المدنية فى تونس بالمرصاد للاتجاه المتأسلم الذى يريد تحويل الدولة شطر الحكم الدينى، فقد لا يعرف البعض أن هؤلاء الذين يستخدمون الدين فى خدمة مصالحهم الحزبية سعوا منذ بداية الثورة فى تونس لإضافة مادة للدستور تنص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، لكن هذه الخطوة رفضت رفضا قاطعاً من جميع فئات المجتمع التونسى الذى أبدى حرصه على الاحتفاظ بمدنية الدولة، ولم يعتبر قيام الثورة مبرراً لإهدارها.
ولقد راعى جميع القادة الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم فى تونس تأكيد تمسكهم بمدنية الدولة وحرصهم على قيام نظام ديمقراطى سليم، وانعكس هذا الحرص فى تصريحاتهم خاصة بالنسبة لـ«الغنوشى» الذى أكد فى أكثر من مناسبة حرصه على ذلك فى كل صغيرة وكبيرة بما فى ذلك قضية الحجاب والنقاب، حيث قال بأن الحكم لن يتدخل فى ملبس الناس.
أما فى الجزائر فقد هزمت القوى المستغلة للدين فى السياسة بأغلبية كبيرة فى الانتخابات البرلمانية التى جرت قبل أكثر من شهر حيث لم تحصل إلا على 59 مقعداً من مقاعد البرلمان الـ462.
والسؤال الذى يقفز على الفور إلى الذهن هو: إشمعنى إحنا؟! قد تكمن الإجابة فى التربية السياسية التى شكلت فكر الإسلاميين فى كل من هذه الدول، ففى تونس تربى إسلاميوها على النظام المستنير لفرنسا التى نفوا إليها طوال فترة الحكم السابق، وفى ليبيا تعلم محمود جبريل فى الجامعات الأمريكية، أما الجزائر فقد عانت ويلات الحكم الدينى لسنوات أريق فيها من الدماء أكثر ما تمت إراقته فى حرب التحرير، كما يقول كاتبها الأشهر واسينى الأعرج، أما عندنا فالشيوخ الذين يتصدرون المشهد السياسى هم خريجو السجون وتربيتهم هى تربية السجون المصرية- وهى من أسوأ سجون العالم- منذ قيام جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، أما من أوفدوا للدراسة فى الخارج فلا يبدو أنهم تعلموا شيئاً.. ولا حتى اللغة التى درسوا بها هناك!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق