لم نشعر بالانتماء من قبل أن نهبط الميدان، لم نعرف معنى الامتنان لمن هو بجوارك، لمجرد وجوده بجوارك، لم نشعر أن لنا وطنا، قبل أن نصرخ باسمه فى الشوارع فى طريقنا إلى الميدان، لم نشعر أن لنا أرضا قبل أن ننام على طرقات الميدان، ونستنشق رائحة الصباح فيه، لم نشعر قبل اليوم الذى استمعنا فيه إلى نشيد «إسلمى يا مصر» فى مكبرات صوت المنصات، أن لنا نشيدا، ووطنا، وشعبا، وأن حريتنا تدعونا إليها ونستجيب.
«إسلمى يا مصر إننى الفدا، ذى يدى إن مدت الدنيا يدا، أبدا لن تستكينى أبدا، إننى أرجو مع اليوم غدا، ومع قلبى وعزمى للجهاد، ولقلبى أنتِ بعد الدين دين، لك يا مصر السلامة، وسلاما يا بلادى، إن رمى الدهر سهاما، أتقيها بفؤادى، واسلمى فى كل حين».
ما بين الولادة والبعث، تتغير كل الظروف، وتتبدل الولاءات، وحينما تستعر الأزمات، ستجد أن المرابط هو الغريب، وأن المهرولين ناحية النجاة هم الكثر.
فطوبى لأبناء الغربة، الذين لم توهن فى صدورهم الوحدة وسط دقات الصفقات، فطوبى لأبناء الصمت الذين لم تتغير نفوسهم فى الوحدة، وما زالوا على العهد باقين، طوبى للذين إن تفرق الشمل من حولهم، لم يستشعروا اليأس، ولم يستمرئوا الهروب، بل فى رباط إلى يوم تبعث ثورتهم من جديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق