مبدئيا انا لم أكن أعتزم أن أخُط هذه السطور ، لكن دفعني إلى كتابتها شيئيان ، الأول هو اتهامنا كمقاطعون من قبل الكثيرون بأننا سلبيون بل ووصل الأمر إلى تخويننا واتهامنا بأبشع الصفات ، والشيء الثاني هو امتثالي لقول الله تعالى " وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ " ، لهذا سوف أكتب في هذا المقال أغلب أسبابي للمقاطعة وما جدواها وما هو الحل في نظري .
المقاطعة ليست سلبية ، فعدم المشاركة بالرأي ورفض العملية كلها هي قرار سياسي وأخلاقي أيضا وبالطبع قرار إيجابي في حد ذاته . السلبية هي السكوت عن الحق ، بينما المقاطعة هي تعبير عن الرفض وهو قرار أخلاقي ينفى المشاركة في باطل ، ويدعو إلى رفضة ، وهذا هو عين الإيجابية بكل تأكيد . لكن يتوجب على من يأخذ قرار المقاطعة أن يطرح بديلا فاعلا ولا يكتفى بالرفض ، وهذا ما سأفعله .
أسباب المقاطعة :
بكل بساطه لا توجد أبسط شروط انتخابات حرّة و لا توجد ضمانات و إجراءات للشفافيّة و النزاهة . وهذا ما سأسرده على نحو تفصيلي ..
لدينا مجلس عسكري جاسم على السلطة وقابع على صدورنا بقوة السلاح ، صاحب مصالح سلطويّة و اقتصادية عملاقة قدرها البعض بحوالي 40% من اقتصاد مصر وهو يفعل كل ما يستطيع للحفاظ عليها و الدفاع عنها , متواطئ مع المخلوع و رموز نظامه – الذى هو جزء لا يتجزأ منه – وتمثل هذا في المحاكمات الهزلية لرموز النظام وتبرأتهم والتغاضي عن بلاغات في حق رموز آخرين وأيضا أفرج عن جميع المتهمين بقتل المتظاهرين وكذلك من أفسدوا الحياه السياسية ومن نهبوا البلاد والعباد ، فاقد للشرعيّة في نظر كل الثوار وأغلب الشعب وكذلك الكتل السياسيّة ، فاقد للمصداقيّة بسبب الكذب المتكرّر و المواقف المتناقضة و السياسات الفاسدة على عام ونصف , قام بمجازر بشعة في حق مدنيّين سلميّين عُزّل, وتلك المجازر تعتبر ضمن جرائم الحرب و الإبادة الجماعيّة ، سفك دماء المئات من الأبرياء العُزّل قنصاً ودهساً وتعذيباً ، ضرب وسحل وعذّب وعرّى المئات من الثوار ، أصاب الآلاف إصابات مختلفة و تشوّهات جسديّة و نفسيّة لا حصر لها ، اعتقل وحاكم الآلاف محاكمات عسكرية ظالمة بلا أدى ضمان للعدالة لا لشيء إلا لأنهم من الثوار ، يطارد و يعتقل الآلاف من أصحاب الرأي . فكيف يؤتمن على نزاهته الانتخابات ؟!!
لا يوجد استقلال تام للقضاء يضمن بتطهيره من هؤلاء اللذين طالما استعان بهم النظام ليقوم بالتزوير ، هذا القضاء – الشامخ على نفسة كما يحب ان يسميه البعض – عجز تماما خلال أكثر من 60 عاما عن اقامة العدل ، و عجز عن أقامته أيضا خلال سنة ونصف سابقة من بعد الـ 25 من يناير ، عجز تماما عن إعادة الحقوق لمستحقيها ، عجز تماما عن القصاص من قتلة الشهداء الذين استُشهدوا ما قبل الـ 11 من فبراير وأيضا من استُشهدوا بعدة ، عجز تماما عن إعادة الأموال المنهوبة وعجز تماما عن محاسبة من قام بنهبها ، عجز تماما عن محاسبة من أفسد الحياه السياسية والدولة ومؤسساتها وأيضا الحياة الاجتماعية والتعليمية والصحية ، عجز تماما عن محاسبة من هدم المجتمع ، عجز تماما عن محاسبة من دمّر مصر .
لا توجد رقابة دوليه فعليه حقيقيه على الانتخابات ، ورفض تلك الرقابة بحجة الاستقلال الوطني ورفض التدخل الأجنبي هي حجج واهيه ، فجميع دول العالم الكبرى تستعين بالرقابة الدولية للتأكيد على نزاهة الانتخابات لديها .
لا توجد مراقبة حقيقة من منظمات المجتمع المدني المحلية والأجنبية ، ويكفيني الإشارة إلى قضية محاصرة منظمات المجتمع المدني واقتحامها ثم محاكمة العاملين بها وتلاه تهريب العديد منهم خارج البلاد ثم المعاودة – في اطار كوميدي - بمطالبة اعادتهم لاستكمال المحاكمات ،و ختاما عدم السماح للكثير منها بمراقبة الانتخابات القادمة .
يوجد ما بين 8 إلى 12 مليون صوت مكرر ضمن قوائم الانتخابات ، كذلك تم ادراج المنتمين لوزارة الداخلية ووزارة الدفاع ضمن قوائم الانتخابات وهناك أدلة كثيرة على ذلك ، فضلا عن هذا توجد اسماءالمتوفّيين ضمن القوائم وهذا إن دلّ فيدلّ على الإخلاص التام لذكراهم ومشاركتهم في عملية الانتخاب ، وحتماً ستأتينا أصوات الشهداء من الجنة لتقوم بالانتخاب !!
انباء مؤكّدة 100% عن ضغط عدد اللجان في كل منطقه الى النصف تقريباً ، فمثلا (القاهرة بدلا من 3250 الى 1200 لجنه) (مدينة نصر كانوا ٦٧ واصبحوا ٣٧ لجنه ) ، يؤدى هذا إلى تضاعف عدد الناخبين المفترضين في كل لجنه بعد تقليل عدد اللجان بحيث كل صندوق يجب وضع ما يقارب 14000 صوت بالصندوق في كل يوم انتخابي !! إذا كفى الوقت فلن يكفى الصندوق ! وفى ذلك نيه واضحه للتزوير .
المسؤول الأول على هذه الانتخابات ليس طاهر اليد و متورّط في الكثير من الفساد و إهدار دماء مواطنين أبرياء و متّهم في جرائم قتل و إصابة و اعتقال و تعذيب جماعي. فضلا عن ذلك لا توجد آليّة لمحاسبة الذي يجري الانتخابات قانونيّا و بدون تحفّظات في حالة ثبوت تزويرها .
اللجنة المشرفة على الانتخابات جميع أعضائها ينتمون للنظام السابق ووصلوا لمكانتهم لاشتراكهم في عمليات تزوير لصالح النظام ، واحدهم كان المشرف على الانتخابات السابقة التي كانت معيبة إلى حد كبير جدا ، واشترك في فضيحة تهريب الأجانب الموجودين تحت ذمة قضايا لازالت قيد المحاكمة . فضلا عن هذا حُصّنت قرارات هذه اللجنة دستوريا وكأنها لجنة منزّلة من السماء مباشرة إلينا .
لا يتوفر جو صحّي للانتخابات من حيث الأمن و الأمان ، فلدينا مشاكل وأزمات مفتعلة وانفلات أمنى وحرائق مفتعلة كل يوم وفى كل مكان . والجو العام لا يخلو من قوانين و حالات الطوارئ و المحاكمات العسكريّة للمدنيّين
لا يتوفر جو صحّي للانتخابات من حيث الاستقرار الاجتماعي أو الاقتصادي ، فنحن في ظل فقر مدقع و أزمات اقتصادية و اجتماعية طاحنة .
لا يوجد إعلام مهني حر بدون وصاية و أفواه مكممه ، وهو ليس حياديّا و ليس هادفا إلى التوعية الموضوعيّة . في ظل التعتيم الإعلامي و تكميم الأفواه و العدوان السافر على حريّة الرأي, كيف تتخيّل ظهور الحقيقة ؟!
لا يتوفر الحد الأدنى من الوعي الشعبي اللازم. فمن ضمن مشاكلنا الكبيرة ضعف الوعي لدى الكثير جدّا من الناس بشكل عام, هذا نتيجة طبيعيّة في ظل نظام قمعي و إعلام مضلّل و انتشار الفساد و مستوى تعليمي متردّي للغاية هدف بشكل ممنهج إلى تغييب وعي الشعب بهدف إبقاء الشعب في غيبوبته وخموله وخضوعه التام بدون مقاومة للنظام . بناء على ذلك فالرهان على وعي الشعب هو رهان على جواد خاسر في سباق .
و قد ثبت ذلك في استفتاء مارس 2011 و الذي كان فخ سياسي ، ذهب الملايين من الناس للتصويت و الغالبيّة منهم لم يقرؤوا المواد الدستوريّة المزعم تعديلها, واغلبهم لا يفهم أساسا ماهيّة الدستور أو التعديلات أو على الأقل ما سينتج عنها من تداعيات سياسيّة . و كان واضحا أن معظم من ذهب للتصويت ذهب ليصوت على الاستقرار أو دين الدولة أو الجنة أو النار أو مجرّد الانحياز لرأي من يثق فيه أخلاقيّا .
و ثبت مرّة أخرى بقبول الشعب الإعلان الدستوري صنيعة العسكر– الغير دستوري في الحقيقة - ، حيث كانت الاستفتاء على 9 تعديلات في دستور 71 ، وعندها تم الاستفتاء على الاستقرار وعلى دين الدولة وعلى الجنة والنار وما شابة من أشياء تحدثت عليها سابقا في هذا اثناء تحدثي عن غياب الوعى الشعبي . جاءت النتيجة 77% نعم، انا عن نفسى قلت " لا " (مع انى كان لابد ان اقاطع فقد كانت تلك هي بداية اللعبة ، لكن والحمد لله كان الاستفتاء هو آخر مشاركة لي في لعبة العسكر وقاطعت من بعدها كل فعاليات تلك المسرحية الهزلية ) . وعندها كان يقتضى عودة دستور 71 بتعديلاته الجديدة ، لكن المجلس العسكري ألقى بكل ذلك في سلة المهملات ، وانشأ اعلانا دستوريا من حوالى 64 مادة ، وهنا وضعت حوالى 56 مادة لم يُستفتى عليها مطلقا ، فضلا عن ذلك وضعت التعديلات التي تم الاستفتاء عليها معدلة في الإعلان الدستوري . ومن هنا بدأ العوار الذى يشوبه عوار ويدفعنا خطوة بعد خطوة من عوار إلى عوار .
و ثبت مرّة أخرى بقبول الشعب انتخابات جديدة في ظل نظام بمبارك وأيضا بدون أدنى ضمان للديموقراطية أو ادنى حد من معايير الشفافيّة و النزاهة العالمية . و ما حدث كان بعيدا كل البعد عنها ؛ فاللجان الانتخابية و وسائل حفظ الصناديق و نقلها و إجراءات الفرز و إعلان النتائج كانت كلّها معيبة و عرضة للتلاعب بقوّة ، وشهدنا جميعا كم كبير من الانتهاكات . ذهب الملايين من الناس للتصويت و الغالبيّة منهم لا يعلمون لماذا اختاروا مرشحهم ، أو ما هي برامج المرشح أو الحزب الذى قاموا باختياره ، أو ما هي صلاحيّات مجلس الشعب و حدوده ، ذهب الكثير منهم تحت ضغط تجار الدين أو باعوا اصواتهم بالمال ، الأغلبية ذهبوا فقط خوفا من الغرامة المالية التي وضعت خصيصا لدفع الناس للذهاب للتصويت حتى يتم التشدق بعدد المصوتين واستخدامهم كشرعيه للمنتخبين فيما بعد .
صلاحيات مبهمة ضبابية ، قرر هذا النظام انتخاب الرئيس القادم قبل تحديد صلاحياته، ومن هنا كيف لنا ان نختار رئيسا لمنصب ونحن لا نعرف ماهية هذا المنصب وما هي اختصاصاته ! . وإذا باغتني أحدكم بقولة ان الرئيس سيحصل على اختصاصات المجلس العسكري المنصوص عليها في المادة 25 والمادة 56 من الإعلان الدستوري بالطبع فيما عدى الاختصاصين الاولين اللذين من المفترض أن يتولى اختصاصهما مجلس الشعب .
إذا تم نقل هذه الصلاحيات من المجلس العسكري لرئيس جديد فسنخلق فرعونا جديدا كالمجلس العسكري ومبارك بكل تاكيد ، وإذا كان أنصار كل مرشح قد ينفون أنه سيصبح فرعونا لثقتهم فيه لكن بالتأكيد غير المناصرين له لا يثقون فيه .
لكن هل حقا سيسلم المجلس العسكري سلطاته كاملة للرئيس الجديد ؟! هل من يتحكم في 40% من اقتصاد مصر ولا رقابة عليه مطلقا سيسلم السلطة لتسحب منة كل تلك الأموال ويحاسب على نهبة وسرقته وتحكمه بها ؟!! هل من سرق ونهب وسحل وعذّب وعرّى ودهس وقتل وفقع العيون سيسلم سلطاته كاملة لرئيس جديد ليحاسبه على كل ذلك ؟!!
إذا فهناك بعض الصلاحيات المبهمة والغامضة كثيرا لكن هل سيستطيع الرئيس الجديد ان ينتزعها من المجلس العسكري الذى يسيطر على البلاد كاملة بكل شبر فيها وكل مؤسسة فيها ؟!!
هل سيستطيع الرئيس ان يحارب وينازع وينتزع السلطة ممن يحمى أمنة هو شخصيا ؟!!
ولقد رأينا النتيجة العملية لعدم تحديد صلاحيات البرلمان قبل انتخابه (أو وجود بعضها بالشكل المبهم الغامض) ، التي تمخض في النهاية عن مجلس شعب امّعة لا يعدو عن كونه ديكورا لا حول له ولا قوة.
ووسط الكلام عن اعلان دستوري مكمل ، يطل علينا البرادعي قائلا :" العسكري سيحدد صلاحيات الرئيس دون استفتاء يومين قبل الانتخابات . كيف له هذا الحق في وجود برلمان ؟ استمرار مرحلة انتقالية تجافي أي عقل وأي وشرعية " .
المجلس العسكري غير مستعد للتخلي عن السلطة، و العملية السياسية في مصر معيبة بشكل متزايد وتفتقر إلى الاستقلال، مما سيتيح له التواجد بقوة في النظام الجديد بعد انتخابات رئاسة الجمهورية بشكل غير معلن . (هكذا تتناول الصحف العالمية الانتخابات الرئاسية) .
يظن البعض ان الرئيس إذا كان ثوريا سيستطيع أن ينتزع السلطات !! هل تناسيتم أن بمجلس الشعب العديد من الأشخاص المحسوبون على الثورة ؟!! هؤلاء النواب الثوريين تكتفت أيديهم وأصبحوا جزئا لا يتجزأ من برلمان عبثي لا يستطيع فعل شيء غير الكلام ، يتشدق بإمكانياته وصلاحياته وانه يستطيع فعل المعجزات ، لكن كل هذا هراء ، ولكم في عدم قدرتهم على سحب الثقة من الحكومة عبرة !!
وهنا ومع ضبابية صلاحيات الرئيس يتم فتح الباب لتفصيل الدستور على مقاس الفائز ، فتقلص صلاحيات الرئيس إذا ما فاز مرشح غير مرغوب فيه ، أو تقر صلاحيات مطلقة للرئيس إذا فاز مرشح يدين لهم بالولاء .
وتقع كل هذه الاحتمالات في إطار عملية وضع لجنة تأسيسية للدستور يشوبها العوار الشديد، مما يزيد من أن نتيجة الربط هذه أننا لن ننال أياً من عملية انتخاب رئاسية سليمة أو عملية وضع دستور سليمة.
وإذا اخذنا في الاعتبار تجربة الأرجنتين (1976-1983م) في التخلص من سيطرة العسكر على البلاد في وضيع يشبه إلى حد كبير وضعنا الحالي في مصر ، عندها راؤول ألفونسين كان مرشحا مدنيا وضع على قمة برنامجه الانتخابي معاقبة الجيش على جرائمه وجلب حقوق الضحايا فور تقلده منصبه ، وبالفعل نجح في هذا 1983م وقام ألفونسين أيضًا بتقليص ميزانية الجيش بدرجة شديدة وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية في مجملها واضعًا إياها تحت سلطة المدنيين.
قلت ان هذا المثال يتماشى مع سيطرة العسكر على الحكم في مصر لكنة لا يتماشى مع الظروف التي حدثت هناك وجعلت العسكر بعد أن مُني بهزيمة ساحقة و اضطر أخيرًا المجلس العسكري هناك للاستقالة وترك الشعب ينتخب أول رئيس مدني له .
ولو افترضنا مجازا ان الظروف مماثلة – على الرغم بان هذا غير صحيح – من المرشحين الذى يستطيع ان يفعل مثل ألفونسين ؟!! من منهم وضع على قمة برنامجه الانتخابي معاقبة الجيش على جرائمه وجلب حقوق الضحايا فور تقلده منصبه ؟!! لا أحد قالها هكذا صراحة وبكل قوة وعدم خوف غير المرشح خالد على – الأكثر ثورة وتمثيلا لجيل الثورة واهدافها من المرشحين - ، لكن هل إذا فاز خالد على سيستطيع فعل ذلك ؟!! للأسف خالد على شعبيته ليست بالكبيرة لتشتت الثوريين حول مرشحين آخرين ، فضلا عن ان العسكر بالتأكيد لا يريدونه لأنه سيناطحهم ليسحب سلطاتهم ويحاسبهم ، لكن فرصة نحاج ذلك في الظروف التي نحن فيها في مصر ضعيفة للغاية ، فالعسكر عندنا ليس ضعيفا كعسكر الأرجنتين وقت تسليم السلطة .
نحن نريد أولا في ظل ديموقراطية حقيقية من يستطيع مناطحة العسكر وتقويض سلطتهم ، من يمتلك الكوادر التنظيمية والعلاقات المتشعبة على المستوى الإقليمي والدولي ، من يمتلك نفوذًا يستطيع أن يقوّد مؤسسات الدولة الأمنية القديمة ، من لديه قاعدة قوامها مئات الآلاف بل والملايين من المريدين الجاهزين للجهاد موتًا لأجله ولأجل تحقيق حلمهم في الحرية والديموقراطية والتقدم .
المرشحين الموجودين لا احد فيهم يستطيع فعل هذا ، وبنائا على هذا وعلى ما سبق من بداية المقال لا تعدوا برامجهم الانتخابية مجرد حبر على ورق ووعودا جوفاء لن يتحقق شيء منها في النهاية .
لقد صدق جلال عامر –رحمة الله- حيث قال : «بعد انسحاب البرادعي، أصبح كل المرشحين غير محتملين» . صدقت يا أستاذي فهو الوحيد الذى كان يستطيع ، لكن لماذا رحل وترك السباق ؟!
من يرى مقاطعتنا سلبية هو من كان يرى انسحاب البرادعي سلبيا . كنت من القلائل الذين رحبوا بانسحابه ووجدوا هذا الانسحاب قمة الإيجابية ، وسأسرد هنا بعضا مما قلته حينها .
البرادعي بانسحابه كشف مجلس العار وعراهم امام المصريين والعالم وكشف ديموقراطيتهم الزائفة و يكشف المسرحية الهزلية التي مصر فيها الآن ، بانسحابه صفع العسكر كما صفع مبارك من قبل . فضلا ان الانسحاب يحرج العسكر فهو أيضا يحرج كل الداعمين له ممن خانوا الثورة وباعوا الدماء من اجل المصالح ومقاعد البرلمان ، يحرج الإخوان والمتأسلمين و أغلب الأحزاب المنبطحة و المنتفعين الداعمين للعسكر وكذلك الفلول . أيضا الانسحاب يحرج الحكومات الغربية التي تدعم العسكر أمام شعوبها. الأهم من كل هذا ان الانسحاب يحرج مرشحي الرئاسة ومدى تكالبهم على السلطة وقبولهم بدور الكوبارس في مسرحية العسكر الهزلية ، راهنت حينها أن الراجل فيهم من سينسحب والإمّعة الأراجوز الطرطور هو من سيكمل دوره في تلك المسرحية الهزلية للنهاية . كان باستطاعتهم جميعا الانسحاب لكى يتم فضح مسرحية العسكر تماما ، لكنهم خذلوني جميعا بتكالبهم على السلطة التي سيجدونها سراباً في النهاية . البرادعي انسحب لأنه لن يشارك في مسرحيه ، إما ديمقراطية حقيقيه وإما فلا . البرادعي ترك الدور الهزلى كمرشح للرئاسة في جمهوريه المشير ، ليعود إلى دوره الأول رئيسا لجمهوريه الضمير مشاركا في الثورة وداعيا لها . انتظر باقي المرشحين و لا مجيب ، انتظر الثوار ليكملوا الثورة و لا حياة لمن ينادى . كانت رسالته هي أن مبارك لازال يحكم ولكن في شكل 19 مباركا جديا ، النظام لم يسقط ، ولتستكملوا الثورة فنحن سنبدأ من نقطة الصفر لأننا عدنا إلى نقطة الصفر بالفعل ، لكن لم يفهم احد مضمون رسالته .
انتخابات في غياب دستور جديد, بين مرشّحين للرئاسة يقبلون المنصب دون معرفة مسؤوليّاتهم و صلاحيّاتهم, و دون أن يعرف المواطن كيف يُحاسبهم أو يُتابع أداءهم, لهذا برامج المرشّحين لا تعدو عن وعود جوفاء .
بنائا على ما تم ذكرة فكل من خاض الانتخابات الرئاسة في غياب دستور يوضح صلاحياته وحدوده وكيف سيتم محاسبته و تحت حكم عسكري يحكم بقوة السلاح و في ظل قوانين طوارئ و محاكمات عسكريّة و إرهاب و تعتيم و تضليل و تضييق إعلامي متعمد , و في وسط أزمات اقتصادية و قانونيّة و قضائيّة و دستوريّة و اجتماعية مُفتعلة , و مؤامرات تهدف إلى تشتيت الرأي العام عن الأولويّات و البديهيّات , و تحت إشراف نظام فاسد صاحب مصالح سلطويّة و اقتصادية عملاقة, يفعل كل ما يستطيع للحفاظ عليها و الدفاع عنها, جميع من يسلِّم عنقه بمحض إرادته لمثل هذا النظام هو لا يصلح في رأيي لتولّي الأمانة و إنقاذ البلاد من الكوارث التي وضعنا فيها النظام .
لا اريد رئيس إمّعة, لن أعطي صوتي في انتخابات غير ديموقراطيّة لا أضمن فيها أصلا أن صوتي لن يذهب هباء أو يُزوّر في صالح من يختاره النظام بعيدا عن الإرادة الحقيقيّة للناخبين – والتي هي أصلا مشوهة في ظل غياب الوعى -, و بكل تأكيد لا أفهم كيف أعطي صوتي لرئيس لا أعلم ماذا أنتظر منه و ما هي صلاحيّاته و حدوده و كيف أحاسبه إن أخطأ.
التزوير هو العنوان الرئيسي , و الإرادة السياسيّة في الحفاظ على النظام الفاسد واضحة وضوح الشمس , و دليلٌ على ذلك شواهد و أدلّة مختلفة جميعنا رأيناها ونعلمها و لا يمكن إنكارها .
العديد من الشواهد و السوابق و المُعطيات حتّى الآن تدل على أن تزوير الإرادة الشعبيّة مضمون في الانتخابات الرئاسيّة القادمة, تماما كما كان من قبل و حتّى آخر انتخابات شهدناها , كما هو واضح النظام لم يسقط, و تظل نواياه و أساليبه و طريقة تفكيره كما .
التزوير ليس فقط تزويرا في الأوراق والصناديق ، لكنه أيضا تزويرا في الإرادة مستغلا الجهل المدقع للشعب والغياب التام للوعى ، وأيضا عبر عقد صفقات لدعم مرشّح بعينه حتى يكون مطيعا للعسكر ، في الحالة الأخيرة الموضوع أسوأ من التزوير لأن المنظر العام يوحي بالشرعيّة و عندها سيخرج علينا أرباب النظام بقولهم "الشرعيّة التي ارتضاها الشعب في انتخابات نزيهة !!"
الأهم في رأيي: هل يتوفّر الآن الحد الأدنى من شروط العمليّة الديموقراطيّة حسب المعايير الدوليّة ؟ و الإجابة الموضوعيّة ، هي بالتأكيد لا . و لهذا لم و لن أشارك في شيء غير مبني على أساس سليم, و أتوقّع منه نتائج مُرضية.
لمن يزعمون الوعي و يدّعون الإيجابيّة و يتشدّقون باللعبة الديموقراطيّة و أهميّة احترام قواعد اللعبة الديموقراطية و نتائجها أيّا كانت , في ظل كل ما سبق هل هي ديموقراطية حقيقة ؟!! و هل يجب ان نوافق على نتائجها ؟!!
أنا لا أوافق على أي انتخابات أيا كانت صورتها تحت حكم عسكري غاشم مغتصب للسلطة بقوّة السلاح, يكمّم الأفواه و يقتل الأبرياء للحفاظ على مصالحه و منظومة الفساد التي رعى فيها حتّى صارت عنده فوق كل اعتبار و أهم من أي شيء آخر, بما في ذلك أرواح المواطنين و مصلحة و مستقبل الوطن.
ربما يتساءل البعض عن جدوى المقاطعة الآن وهو في نفس الوقت يكتم في نفسه سؤالا : لماذا لا نستمر في التجربة حتى نهايتها ولنرى ماذا سيحدث ويرفق بذلك المثل الشعبي المعروف " خلينا ورا الكدّاب لحد باب الدار " !! سأجيب على هذا التساؤل بقدر من التفصيل .
استخدام الإقبال على التصويت كوسيلة لإضفاء الشرعية ، حيث يتم استخدام كل الأصوات سواء كانت صحيحة او باطلة ، سواء صوتّ لهذا المرشح او ذاك أو حتى أبطلت صوتك عبر كتابة "يسقط يسقط حكم العسكر" مثلا ، فذهابك نفسة إلى صندوق الانتخابات يعطى شرعية لنتيجة المسرحية .
انت بمشاركتك هذه تعطى فرصة للعسكري لكى يمرر المرشح الذى على هواه ، المجلس يهمه جدا ان يكون الإقبال علي الانتخابات كبير للغاية ليتحجج به كشرعيه ل "العميل" أو "الطرطور" القادم .
حدث هذا من قبل في الاستفتاء ، وخرج علينا كل ذو مصلحة يستخدم هذا الإقبال لإضفاء الشرعية على ما يهمة هو ، فقال العسكر " الاستفتاء كان على الشرعية المجلس العسكري" ، وقال الإخوان " الاستفتاء كان على الانتخابات أولا " ، وقال السلفيين " وقالت الصناديق للدين نعممممممممم " .
بالمثل استخدم العسكر والإخوان عدد المصوتين في الانتخابات لإضفاء شرعية على مجلس الشعب الكرتوني ، وخرجوا علينا متشدقين بأنهم هم رأى الشعب وانهم هم الشرعية ، والشرعية أصبحت للبرلمان لا للميدان ! ثم عندما تساقطت أوراق التوت وظهرت عرواتهم وعرفوا حجمهم الحقيقي وصلاحياتهم الغير موجودة نزلوا للبرلمان مجددا ليأخذوا منه شرعية جديدة ، مؤكدين بذلك انهم لا شيء وبرلمانهم لا شيء فقط الثورة هي الشرعية الوحيدة والأداة الفاعلة . فهل من معتبر ؟!
المشاركة أعزاءي تعطى مسرحيتهم شرعية ، المشاركة تساعدهم على اتمام مخططهم ، المشاركة تضر الثورة ، المشاركة تخرج لكم بالمرشح الذى يريده العسكر بشرعية مأخوذة من أصواتكم .
الانتخابات أكبر فخ للثورة ، وأكبر ثالث سقطة للثوار (كانت الإولى الكبرى ترك العسكرى يحكم بعد ان تخلى لة مبارك وبالطبع تحت تأثير كلام الإخوان وعدد من الكتاب وعدد من الثوار ، والسقطة الثانية الكبرى هى عندما قبل الإعلان الدستوري الذى أنشأه العسكر )
الخلاصة أن جميع أسباب سقوط مبارك توفّرت مع مثلها الأضعاف المضاعفة , لكن الشعب يخرج بأعداد غفيرة ليعلن عدم اكتراثه بكل ذلك ! كما فعل ذلك مرارا وتكرارا ! فى صورة تدعوا للاستياء والتقزز !
لكن لكل معضلة حل ، فاليأس من التغيير خارج من المعادلة, فالقضيّة بالأساس ليست وجهة نظر سياسيّة أو دينيّة أو ما شابة ! القضيّة مسألة مبدأ و حق, مسألة كرامة و عدالة, مسألة قيم و ضمير.
لسنا في محنة شديدة فالثورة حققت الكثير وستحقق كل أهدافها إذا اصررنا عليها . الثورة نجحت في كسر حاجز الخوف و إنبات بذرة الحريّة و الكرامة و طلب الحقوق و الظمأ للعدالة ، نجحت في كشف المنافقين و الكاذبين الفاشلين معدومي الضمير و الوطنيّة من السياسيّين و النخبة ، نجحت في كشف تجّار الدين و مُدّعي العلم مدعو إتّباع شريعة الله و إقامة دينة و الدين منهم براء . نجحت الثورة في الكثير وكشفت الكثير وربما لا يسعني الوقت والمكان لذكرها جميعا . يمكنكم التفكير المتأمل في ما حدث وستدهشون من كم ما نجحت الثورة في تحقيقه . لكن ما تحقق لم يكن هو هدف الثورة من الأساس وكانت ارباح اضافية تحققت هي ولم يتحقق الربح الأساسي المرجو من البداية ، لكن مع الإصرار علية سيتحقق بكل تأكيد .
جدوى المقاطعة :
المقاطعة في ذاتها هي عمل إيجابي وأخلاقي رافض للخطوات غير الصحيحة التي نخطها ، وانا اعلم جيدا ربما الآن لن نجدا مُنصتين لنا ومؤمنين بأفكارنا ، لكن اصبروا فمع الوقت سيتضح كل شيء ، ويعلمون أننا على حق كما كنا دائما .
فللأسف لازال هناك الكثير من الآملين في جدوى الانتخابات ، انا لا أخونهم كما خونونا لمقاطعتنا ، لكنهم ضحية عملية غسيل مخ كبيرة سعت لتزيف الفكر وتوجيهه نحو اختيار ما بالتحديد . استخدم معهم كل السبل ، الإعلام ، حتى بتجنيد الكثير من المحسوبين على الثورة ليقوموا بتضليل الثورة ، حتى أن الكثير من الصفحات المحسوبة على الثورة أكاد أجزم أنها يتم ادارتها من داخل الشئون المعنوية .
ولم يكن الثوار فقط هي المستهدفين ، فقد كان عامة الشعب مستهدفون اعلاميا وامنيا ، اعلاميا بالطبع تفهمونها ، اما أمنيا فكانت عبر قمع الثوار ، فكان القمع له هدفان ، الأول خاص بالثوار وهو اضعافهم واخافتهم حتى لا يعيدوا الاحتجاج مرة اخرى ، والثاني كان خاصا بالشعب ، ففي قمع الثوار رسالة للشعب بانك عن فعلت مثلهم ستلقى نفس جزائهم ، لكى تنجوا بنفسك كن تحت رغبتي وافعل ما آمرك به ، قمع مارس رسالة للشعب " انزلوا للاستفتاء " والشعب " حاضر " ، قمع محمد محمود بأجزائه ، رساله للشعب " انزلوا المرحلة الأولى من انتخابات البرلمان " والشعب "حاضر" ، قمع مجلس الوزراء ، رساله للشعب " انزلوا بقية مراحل انتخاب البرلمان" والشعب "حاضر" ، قمع العباسية ، رساله للشعب " انزلوا للانتخابات الرئاسة" والشعب " حاضر" . وإن امعنتم التفكير ، فإنه عندما لم يكون هناك احتجاجات كان المجلس العسكري يستفز الثوار ليقوموا بالتجمع والاحتجاج لكى يقمعهم . امعنوا التفكير في أحداث محمد محمود بأجزائها ومجلس الوزراء والعباسية ، جميعها كانت أفخخ للثورة لقمعها لترويض الشعب . التصعيد = دم وخوف ورعب = حاااضر !
الآن نحن كمقاطعون رافضون لمسرحية الانتخابات علينا أن نتمسك بالحل – الذى سأذكره بعد سطور قليلة - ونناضل من أجلة ، ونكون نحن الفريق الثوري الراديكالي المحافظ على جوهر الثورة المؤمن بالحلول الثورية ، الرافض تماما للطرق الإصلاحية المستكينة ، والرافض لكل الحلول الوسط ، فإما أبيض أو أسود .
أيها المقاطعون لا داعى إطلاقا أن تحزنوا وتكتئبوا ، فنحن على حق ، والحق سينتصر في النهاية بإذن الله . اصبروا قليلا وستجدون الكثير من الوفود القادمة للانضمام لسرب المتبصرين (كما احب ان اُسمى ذَوى بُعد النظر ، المدركين لحقيقة الامور) .
هنالك طريقان كما أظن ، فإما أن ينجح أحد الفلول في الانتخابات (وبالتأكيد سيكون هذا بالتزوير) عندها يجب أن ندعوا لثورة جدية ، ثورة حقيقية ، حاملين بين أيدينا الحل . أما الطريق الثاني – الأقرب للتحقيق كما أظن – هو نجاح شخص محسوب على الثوار ، مما سيشعر المؤيدين للانتخابات بفوز وهمى مؤقت لكن مع الوقت سيدركون حقيقة الامور ، وان الرئيس الثوري ليس سوى إمّعة أو طرطورا في يد العسكر يحركه كالماريونيت . وعندها سيلتف الجميع حول المتبصرين الفاهمين من البداية ، عندها يجب عليكم الدعوة للثورة حاملين في أيديكم الحل .
الحل :
وعدت في بداية المقال أنى سوف اقدم حلا يجب ان نتمسك به نحن كمقاطعون ، ويجب ان تتمسك به كل الثورة ، ونناضل من أجله . هذا يجب ان يكون هو هدف المقاطعة ، وليس مجرد المقاطعة لغرض المقاطعة ، المقاطعة وسيلة لرفض عمل خاطي ، وأيضا وسيلة للضغط لطرح حل بديل .
الحل هو إنشاء مجلس رئاسي مدني ذو تأييد و إقبال شعبي يمكن قياسه بواسطة لجان متخصّصة و محايدة و متجرّدة, من شخصيّات محترمة و غير محسوبة على النظام من قريب أو من بعيد, وبالتأكيد سيكون رأسه البرادعي .
يلي ذلك إنشاء جمعيّة تأسيسيّة للإشراف على كتابة دستور عام من مواد أساسيّة محدودة العدد, معنيّة أساسا بالقيم الإنسانيّة التي لا خلاف عليها عالميّا, تضع الخطوط العريضة للنظام الحاكم و صلاحيّات السلطات و حدودها بشكل متوازن و فعّال, يلي ذلك انتخابات يتوفّر لها الحد الأدنى من الشروط المتّفق عليها عالميّا و بإشراف دولي محايد.
نحن في اهم و اخطر مرحلة في الثورة بل في تاريخ الشرق الاوسط بأكمله فحدود مصر اكبر بكثير من ميدان التحرير و اكبر من الحدود التي لقنونا بها في مدارس مبارك و مكتبات سوزان .
يجب علينا العودة من جديد خلف القيادات الحقيقية للثورة . الثورة قام بها الشعب ; لكن من صنعها هم قوى وطنية واضحة للجميع حتى وان حاولت كل اضواء النظام ابقائها في الظلام و انارة قيادات وهمية . لقد نجحنا في الجولة الاولى يوم ان تجمعنا خلفهم ، وضعفت لكماتنا بعد ذلك حتى هزمنا يوم أن انقضنا وراء أنها ثورة شباب غير مُسَيَّس و بدون قائد ، و قبل أن تأخذنا حُمّى النزول لميدان التحرير يجب العودة الى شباب ٦ ابريل ، العودة الى شباب الجبهة ، العودة الى شباب دعم البرادعي ، العودة قيادات حركة كفاية ، العودة الى شباب اليسار الثوري ، العودة الى من بدأوا . وعليهم جميعا العودة إلى البرادعي .
انها ليست دعوة لتنصيب زعيم و لكنها دعوة لإرساء مبادئ علمية هامة إذا ما اردنا فعلا النجاح ، الهرم مصطلح هندسي يصممه المهندسون و ينفذه العمال و البناؤون ، الثورة مصطلح سياسي يصنعه السياسيون و ينفذه الشعب. أما نجاح الثورة فهو في رجوع الشعب الى القيادة. ومن تاريخ انتصاراتنا اتذكر معكم ان انتصار اكتوبر بدأ حينما رجع من رجع من الجنود بعد نكسة ٦٧ الى مراكز القيادة بعد متاهات لا حصر لها و احباطات نفسية تاهوا فيها اكثر مما تاهوا في صحارى سيناء ليعاودا تنظيم الصفوف تحت مظلة العلم و الرؤية.
فلنتفق على شعارنا الجديد ( الشعب يريد العودة للقيادة ) .
انسى الشباب والساسة قادة 25 يناير (كما يطلقون على انفسهم) لانهم فشلوا في أن يتطورا مع تطور الخصم و منهم من اكتفى من النضال و يبحث عن الغنيمة وكانوا هم من اكبر اسباب ضعف الثورة وكبوتها ، ابحث عن المتجردين ، صناع الثورة الحقيقين ، من لم يطلب جاها أو سلطانا ، (هذا إن كنت لا تراهم من الآن وانا ذكرته سابقا كحل وحيد للخروج من الأزمة) فهم القادة الجدد بمواهب اعمق و اكثر نضجا ، ، انسى القادة المصطنعين من النظام لتضليلك وكن خلف القادة الحقيقين الذين صنعوا الثورة .
ابحث انت بداخلك عن فكرة جديدة و وسيلة جديدة ، وأرجوك تحلى بأخلاق 25 و 28 يناير و انكر ذاتك و تحول سريعا من مواطن الى جندي مطيع للقائد ، فلن نكون كلنا جيفارا ، و تحلوا بأخلاق الجندي المخلص لقائده .
الفيسبوك وتويتر تحولوا من وسيلة ضخ المعلومات و تجميع الشعب حول رغبات موحدة و خطة موحدة الى مكان للإشاعات و تشويه الثورة و الحقائق و افقاد الثقة في الثوار بينهم و بين بعض و افقاد الثوار لثقتهم بأنفسهم و هو الاخطر والاهم.
و تحول الميدان من مسرح عمليات الثورة الى مسرح تفريغ شحنات الغضب ، من المدينة الفاضلة بأخلاقها و احلامها الى وكر للعملاء و المندسين و بينهم أطهر و أعظم من فينا من مصريين يحاولون متمسكون بالثورة و هم الأغلبية لكن ينقصهم التوحد و التخطيط مقابل قلة منظمة ذات ميزانية تعمل وفق خطة .
تذكروا أن الميدان لم يكن أبدا نقطه قوة ولكن كان وسيله ضغط ، القوة جاءت عند تخلينا عن مركزيه الميدان والاتجاه للقصر الجمهوري بنية اقتحامه ، كن لم تكن تلك هي نقطة القوة الوحيدة ، حيث انه كان هناك تأييد شعبي لذلك (ولا سبيل آخر غير ذلك بالنسبة لحزب الكنبة للخلاص من مبارك) ، فضلا عن كون الثوار كانوا في كل الشوارع والميادين غاضبين ، وأيضا كل الشعب كانوا في إضراب عام . عندها تخلى رأس النظام وصَدّر لنا ساعدة الأيمن !!
سنفشل اذا اعتمدنا على مسيرات معروفة النهايات من قبل ان تبدأ ، و سنفشل إذا اصررنا على التعامل مع ايفنت الثورة على انه يوم ترفيهي اسرى ، نذهب فيه الى الميادين العامة بالمواصلات ثم الوقوف امام منصات 80% منها مسيطر عليها تماما .
إذا أردت ثورة حقيقية ، انسى الفيسبوك وتويتر و ميدان التحرير و الشوارع العريضة الراقية وفكر بعملية أكثر .
اجعل الفيسبوك وتويتر مجرد مكان لنشر ما يحدث و لكن لا تعتمد عليه في اكثر من هذا ، اترك ميدان التحرير للمعتصمين هناك من افراد الداخلية و الجيش و ابحث عن مكان جديد اكثر اهمية و لا تذهب اليه بالميكروباص او سيارتك الخاصة و ما ولا تأخذ معك صديقتك او زوجتك لكى امامها ، خدها لكى تساعد فى تحرير الارض .
انسى فكرة الاعتصام و المبيت و الجولات الطويلة لانهم يستخدمونها ضدك و يكرهوا المجتمع في "العيال المتسكعة في الميادين اللى معطلة حال البلد " و فكر بطريقة الضربة الخاطفة القاضية ، أكرر (الضربة الخاطفة القاضية) .
تذكر أيضا انهم فشلوا يوم باغتهم بفكرة جديدة و قضيت عليهم بفكرتك و ارادتك في خمس ساعات بينما فشلت في طول عام ونصف كاملة حتى الان ان تهزمهم بعد ان تحولت الى ثائر روتيني يسيطر عليك فكر الموظفين .
لا تخسر احزاب الكنبة و تتعالى عليهم ، لا تستهتر بالكلمة و إذا كان ماسبيرو لم يتحرر بعد فكن انت المذيع في المترو و المواصلات العامة و القهوة و الكلية و المدرسة و الجامع و الكنيسة . لا تستعجلوا النزول و الهرولة الى الشوارع قبل ان نتأكد اننا استعدنا ثقتنا بأنفسنا و تغلبنا على مشاعر الكره التي تبث من خلال ماسبيرو و حلفائه بعقول و قلوب المجتمع ضدنا و امتلكنا الفكرة و الوسيلة الحقيقيتين و اعددنا لهم بدقة و تنظيم .
اكرر لا تنسوا ، لابد من نشر الوعي بشكل أكثر كثافة بين الناس, و يجب على كل القوى السياسيّة نشر ثقافة المعرفة بين كافّة طوائف الشعب بكل السبل الممكنة ، وهنا أذكر حزب الثورة الذى خرجت رسالته على لسان وائل قنديل المتحدث الرسمي باسم الحزب : " حزب الدستور لم يتم تأسيسه لسحب البساط من احزاب اخري او لمنافسة احزاب معينة وإنما لتنظيم الجهود الثورية تماماً كحزب الوفد 1919 وحزب المؤتمر في الهند 1885 " لهذا أيها الحالمون ، الحزب ليس حلا ولكن الحل الذى يقدمه الحزب هو في التجمع حولة وتجميع كل التيارات في خندق واحد لهدف واحد وأيضا نشر التوعية . الحزب وجِد ليعيد التجمع حول الثورة وحول هدف الثورة ، ولهذا الحزب مرحلة وسطية لإعادة الجميع للثورة الحقيقية مرة اخرى بعدما فشلت كل السُبل ، لهذا أيها الحالمون لابد ان تعوا أن الحزب وسيلة وليس غاية .
ختاما :
نحن نتعامل مع تفاصيل المشكلة واعراضها وليست المشكلة نفسها ، الوضع الحالي كلة فاسد ولابُد من تغييرة كله ولا يجب ان نقبل بالحلول الوسط !!
عندما تحول الجناح الأعظم من الثوار إلى اصلاحيين يقبلون بالحلول الوسط تهدّدت الثورة وانهارت اهدافها وضعفت قبضتها وتم اضعافها وطعنها !! سئمت من الحلول الوسط ، سئمت من الإصلاحيين ، إما نغير أو لا نغير ، إما نتحرك أو لا نتحرك ، الثورة تفعل ولا تطلب !!
لتسمى ثورة ! نُسقط حكم العسكر بيدنا فورا في يوم واحد على طريقه اليونان وكما ليبيا يعلق العسكر وفلول النظام على المشانق . نقطة ومن أول السطر .
مبدأ حلول الجذريّة هو ما نحتاج إليه جميعا في الوقت الحالي و بدون مساومة, التجربة خير دليل على ذلك, و ذنب كل من مات و اعتقل و عذّب و أصابه الأذى من بعد 11 فبراير و حتّى الآن, في رقبة كل من كان يعزف على أنغام الحلول الوسطى وانصاف الحلول .
أنصاف الحلول غير مقبولة الآن بحكم الحالة الثوريّة, في رأيي يجب أن يُغلق مجال الدبلوماسيّة تماما طالما لم يتكافأ الطرفان سواء في الأخلاقيّات أو في القوّة. الدبلوماسيّة و التفاوض لا يكونان في وقت تسيل فيه الدماء بلا توقّف و يتم فيه الإرهاب و القمع و التآمر الصريح بهذه الصورة الفجّة.
اخضعوهم لمفهوم الثورة و لا تخضعوا لمفهوم الاصلاح !!
هناك مقوله تقول " إذا مات الأمل ولدت الثورة " وانا اكملها " وإذا مات الامل الذى اعطته الثورة ولدت ثوره من جديد " وإلى أن يموت الأمل الكاذب الذى عند الكثيرين ، فنحن في انتظاركم في المحطة القادمة .
مقاطع مسرحية الانتخابات .. صوتي للثورة وللشهداء .. وستبقى يدى نظيفة
آلا قد بلغت ؟! اللهم فشهد !
لا انتخابات تحت حكم العسكر
لا دسـتور تحت حكم العسـكر
يسقط يسـقط حكم العسـكر
الشــعب يـريد اسـقاط النظام
اللهم اهدنا للحق و اهدِ الناس جميعا لما ترضى إنّك على كل شيء قدير .
** ختاما كل ما كتبته ليس فقط خلاصة فكرى انا ، لكن أيضا يتضمن الكثير مما استخلصته من كتابات الكثيرين على مدى شهور ، هؤلاء اللذين لطالما شاركتهم الأفكار والأهداف ، وأيضا تعلمت منهم الكثير .