سكت الكلام والبندقية اتكلمتNovember 7th, 2011 10:53 am
حلوة. ملعوبة، أحب واشجع اللعبة الحلوة. دوما رجال مصر أصحاب العقول وليس المهاطيل أمثال رجال النظام السابق. دوما عندما يلعب هؤلاء تكون لعبتهم حلوة وفى التمانيات. لعبة السلمى للمبادئ الدستورية الأسبوع الماضى تدل على أن مصر بخير فى اللعب السياسى. بعدما كنت أظن أن الأمة فرغت من العقول مع رئيس مصر المخلوع الذى لا يحضرنى اسمه الآن. تلك الوثيقة لو تعلمون ما هى إلا بداية الصدام الحقيقى ما بين الدولة المصرية وكل تيارات الإسلام السياسى، واللاعب الخاسر فى هذه المواجهة معروف كما تقول كتب التاريخ. وسيظهر يوما ما المانشيت الشهير فى الصحف. ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين. والخاطئ الوحيد فى هذه اللعبة هم الإخوان أولا والإخوان آخرا. لا أعرف لماذا كل هذا الغرور الإخوانى الظاهر فجأة فى الحياة السياسية بعد الثورة؟ أتفهم أنهم عانوا كثيرا من العنف ومن السحق مع النظام السابق. لكن يبدو أنهم لم يتعلموا الدرس ولم يقرؤوا كتب التاريخ جيدا. من يحسب أن هناك اتفاقا وصفقة ما بين المجلس العسكرى والإخوان بعد الثورة فهو خاطئ. القوتان الحقيقيتان والمتنافرتان واللتان لا يمكن أن يجتمعا هما الإخوان والعسكر. وذلك على مر العصور. هذه عقيدة وتلك عقيدة ولا تلاقى بينهما أبدا إلا فى أمور خاصة جدا تهم أمن الدولة القومى. وهو معروف فى السياسة بالاستقواء بالخصم. وبعيدا عن ذلك لا يمكن أن يتفق الاثنان. وقد عاشت الجماعة حالة من الثقة لا مبرر لها على الإطلاق حتى إن أحد شباب الإخوان قال لى مداعبا «خلاص يا مولانا إحنا أخدنا البلد خلاص» وهو يضحك ضحكة الانتصار. وهو ما يدل على تعامل الإخوان فى جميع الأمور السياسية. يعملون على أنهم أصبحوا أمرا واقعا. وما هى إلا مسألة وقت حتى يأتى وعد الله بتوليهم الحكم فى مصر. لهم الحق، فأى تيار سياسى له الحق فى أن يحلم ويسعى لتحقيق حلمه فى الوصول لسدة الحكم. لكن يبدو أن قادة الجماعة أصابهم الغرور لدرجة كبيرة أفقدتهم توازنهم فى أول ترقيصة من رجال الدولة. وهو ما يشعر به شباب الإخوان غير الراضين عن قادتهم وهم يغلون من الداخل، وجاءت وثيقة السلمى لتخرج هذا البركان من الصدور. ومن بالداخل يعرفون مدى تذمر الشباب الإخوانى الأسبوع الماضى وقت إعلان الوثيقة. ولا يلومن الإخوان إلا أنفسهم فقد ظهروا للجميع على أنهم أصحاب الحياة السياسية وأنهم الأكثر تنظيما والأكثر عددا بين كل التيارات السياسية الموجودة على الأرض. وهذه حقيقة لا جدال فيها، لكن ماذا سيفعل الإخوان فى المرحلة القادمة؟ وتحديدا فى الانتخابات القادمة. الإجابة لا شىء على الإطلاق، فالوثيقة أفرغت الانتخابات من مضمونها وهى التى كان من المتفق عليه أن يشكل الدستور من نوابها. الآن انتهى كل شىء، وقد اختار السلمى ومَن وراءه ومَن يفكر له ويخطط التشكيل النهائى لمنتخب الدستور، 80 فردا من مجموع مئة من خارج مجلسى الشعب والشورى والعشرون الباقون من نسبة نواب المجلس. وكالعادة التاريخية امتنع الإخوان عن حضور اجتماعات السلمى ومعهم كل التيارات الإسلامية الأخرى. خرج جميع المطلوب خروجهم من اللعبة وبإرادتهم ولم يغصبهم أحد على عدم الحضور والنقاش.
لو تعلم الإخوان من الدرس التاريخى وتخلوا عن غرورهم السياسى كان لا بد أن يكون لهم كرسى فى التفاوض وفى لجنة تحضير الدستور لكن الغرور والمراهنات الخاسرة أخرجهم من اللعبة نهائيا وبلا رجعة. والإخوان يعرفون ذلك جيدا أصبحوا بره الكادر. وسيكون ردهم عنيفا على أرض الواقع، مليونيات واعتصامات وقد يستخدم بعضهم العنف. وهو المطلوب. أول رصاصة تُطلَق ستضيع فيها رقاب كثيرة. والدم سيسيل على الأسفلت بلا رحمة. التعامل بالعنف الآن ليس كما كان يتعامل أمن الدولة سابقا. أمن الدولة طيب وحنين لو قورن بما سيحدث لو أُطلقت رصاصة واحدة. مافيش هزار. والبادى أظلم. الفرصة كانت أمام الإخوان مواتية خلال تسعة أشهر ماضية أن يعيدوا إنتاج أنفسهم للشارع المصرى وللحياة السياسية المصرية الجديدة.. مصر تغيرت تماما. انسوا مصر من محمد على إلى المخلوع، فقد انتهى هذا العهد بلا رجعة حتى لو لم نره الآن. مصر الجديدة شىء آخر. وكان على كل العاملين بالسياسة أن ينتبهوا إلى ذلك، لكن العلام بيفرق، وهو الفرق الواضح بيننا وبين تونس. انتهت اللعبة وعلى الإخوان أن يراجعوا أنفسهم من جديد بشكل عصرى كى لا يخاف منهم الشارع المصرى. ويعرفوا أن المنظومة الدولية الحالية ريحها ليست فى ريح الإخوان، وعليهم أن يتخلوا عن هذا الغرور السياسى غير المبرر. ويتخلوا عن أحلام الاستحواذ، ولا ينخدعوا بانتخابات بعض النقابات. لعبة السلمى تقول لكل التيارات الإسلامية انتهى الدرس. أما ما تضمنته الوثيقة فلا جديد فيه ولو كان الإخوان أنفسهم هم من وضعوا الدستور لوضعوا نفس البنود إياها بالبند التاسع، ترضية للتيار القوى. عادى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق