الثورة وطفولتها - وائل عبد الفتاح - التحرير
ولأن الثورة فعل نادر فى التاريخ فإنه يأتى ليوقف الماكينات لتفكر فى عالم جديد، وعادة يبدأ من نقطة الضعف فى المجتمع، وهنا لا يمكن التعامل معه على أنه تحسين شروط أو استبدال بساكن القصر ساكنا جديدا.
الثورة هى عالم جديد.. وهذا ما يجعلها تتجاوز المرسى بلحظته العابرة كما تجاوزت المجلس العسكرى العابر.
وعندما يرفع شعار «يسقط النظام» فإنه ليس المقصود هنا المرسى وجماعته الساكنة خياله وقصر الرئاسة.. المرسى ليس «النظام» لكنه صدفة كما كان مبارك صدفة، وصلت إلى مقعد الرئاسة وفق تركيبة نظام ما بعد ١٩٥٢، حيث يختار الكهنة فى الغرفة المطلقة مسارا ليصل شخص بعينه.. فعلوا ذلك عبر هيئة التحرير ومجلس قيادة الثورة ثم عبر الاستفتاء وحتى الانتخاب الحر المباشر.. كلها ظلت أشكالا تحت سيطرة الكهنة.. ويحكمهم فى المسار الذى يصل بمشهد الختام، سواء كان تصعيدا أو استفتاءً أو انتخابات.. كل الطرق تؤدى إلى «دولة الكهنة».
ولم يكن المرسى ليصل إلى الرئاسة لو كان المسار قد خرج من قبضة (الكهنة) أصحاب البدلة الكاكى وأدخلوا به الثورة فى «عملية تحت السيطرة» بداية من استفتاء مارس الملعون وحتى استفتاء ديسمبر الأكثر لعنة.
الكهنة الكاكى أدخلوا إلى غرفتهم السوداء عدوهم القديم ليرمموا ما دمره مبارك وولده، وكانت المغامرة/ المؤامرة التى أشركت الذئب فى إدارة توزيع الغنائم، فدفعت الثورة دفعا باسم العقل والحكمة والمصالح العليا للبلاد والاستقرار وعجلة الإنتاج.. إلى لعنة العملية التى تعيد إنتاج النظام المتحول فى صورة جديدة.
هذه هى الثورة، أما حِكمتكم أيها الحكماء الواقفون على الحياد المستمتعون بأوهامكم عن نقد كل الأطراف فهذه ليست إلا ممسحة أنيقة لنفايات النظام المتحول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق