عبد الحليم قنديل يكتب : رجل يشبه الفراغ | صوت الأمة
وربما يبدو مرسى كضحية للظروف، فالرجل لم يكن يريد أو يحلم بترشيح نفسه للرئاسة، وقياداته الإخوانية هى التى رشحته، وهى التى ألقته إلى التهلكة، فقد أرادت رئيسا إسميا لا رئيسا فعليا، أرادته رجلا ضعيفا، لا يهش ولا ينش، أرادته صفحة بيضاء تكتب فيها ما تشاء، وتملى عليه ما تريد، وعبر إحاطته بسوار من رجال خيرت الشاطر فى قصر الرئاسة، أحدهم ينقل إليه ما يجب أن يقال، وآخر يدير ملف السياسة مع الأمريكيين، وثالث يدير ملف الاقتصاد، ورابع يدير ملف المصروفات السرية، لكن وجود معاونين لمرسى لم ينه مشكلة ضعف مرسى، بل زاد الطين بلة، وأضافت ضعفا إلى ضعفه، فمكتب إرشاد الإخوان نفسه مكون من عناصر بدائية، ولا يفهم من معنى إدارة الدولة غير جلب الأسلاب والغنائم، وغير إحلال الإخوان عند مفاتيح المال والسلطة، ودون النظر فى معايير الكفاءة أو الملاءمة، وهكذا وجدنا الطوابير تلو الطوابير من الإخوان فى مقاعد الوزراء والوكلاء والمحافظين ورؤساء مجالس المدن، ودون مؤهل يذكر سوى الحصول على شهادة «ليسانس إخوان»، وكانت النتائج كوارث، فقد انحط أداء الدولة على انحطاطه الموروث من أيام مبارك، وبدا عمل الدولة المصرية بدائيا بصورة مفزعة، وصارت القصة كلها مساخر، فليس بوسع الإخوان أن يديروا دولة، ولا حتى أن يديروا محطة بنزين، فأشعلوا البلد غضبا، وأصبحت صفة «الإخوانى» كأنها جريمة ماسة بالشرف، وصار الإخوان كالطفح الجلدى يفر منهم الناس، وعلى طريقة فرار السليم من الأجرب، فلم يتوقع أحد، ولا حتى أشد الناس كراهة للإخوان، أن يكون أداؤهم فى السلطة على هذه الدرجة من الانحطاط، وبعبقرية غبية عجيبة، تعيد تكرار الأخطاء نفسها كل مرة وكل يوم، وبلا مقدرة تذكر على التعلم، وكأنهم يتعلمون الحلاقة فى رءوس اليتامى، ودون أمل فى ترقية «صبى الحلاق» إلى درجة «الأسطى»، وتماما كمرسى الذى أثبت لشانئيه أنه لا يصلح لمنصب رئاسة بلد بحجم مصر، ولا يصلح لمنصب وزارة، ولا حتى كرئيس لمجلس قروى(!)
نعم، محمد مرسى رجل قد تلحظه فيزيائيا، لكنك لا تراه سياسيا، فهو الرجل الذى يشبه الفراغ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق