السبت، 22 أكتوبر 2011


انتبه.. هنا نظام مبارك
Sat, 22/10/2011 - 08:01
60
«بتسألنى عن إيه إحساسى؟ هقولك ايه؟ أنا فقدت أحلى حاجة فى حياتى!»، كانت هذه إجابة أخت مينا دانيال أحد الشهداء الأقباط، تلك الإجابة التى ينشطر لها القلب وتدمع لها العين، لاسيما أنها لن تختلف عن إجابة عشرات من أهالى الشهداء سواء فى صفوف الأقباط أو الجيش، سلبت حياتهم ظلماً وبهتاناً. حقاً إنها أحداث مؤسفة ومرة، لا تبرز سوى شىء واحد: لا يزال نظام مبارك موجوداً، يعيش أحياناً بيننا وأحيانا أخرى بداخلنا!
نعم.. إنى أرى هذا النظام القديم كلما تحولت مظاهرات سلمية إلى ساحة قتال دامية ومسيرات حضارية إلى معارك مخزية، ألا يذكركم ذلك بشىء؟ ألا يذكركم بعشرات من المظاهرات عرفت نفس المصير ابتداء من «موقعة الجمل» خلال الثورة المصرية ثم أغلب المظاهرات التى تلتها ابتداءً بأحداث إمبابة وانتهاء بالمليونيات الأخيرة وأحداث السفارة الإسرائيلية؟ نفس المشهد المثير للغثيان يتكرر باندساس مئات من البلطجية المسلحين فى أى مظاهرة سلمية لإشعال الفتيل وافتعال المجازر. عندما يتكرر نفس المشهد على مدار 10 أشهر أعتقد بما لا يدعو للشك أننا أمام خطة ممنهجة لإشاعة الفوضى بدأها النظام القديم يوم 28 يناير بسحب القوات الأمنية لإشاعة الرعب، ودشنها يوم 2 فبراير فى موقعة الجمل حين أطلق البلطجية على الشباب العزل. والبلطجة - ذراع النظام القديم اليمنى - ليست إلا صناعة دأب أعوانه على تنميتها لعقود مضت لتأمين الصناديق الانتخابية عنوة لصالحهم، وللآسف لاتزال هذه الصناعة مفعلة حتى يومنا هذا.
والمرعب فى هذه الوضعية هو تواطؤ الجميع معها بل السعى إلى ترسيخها بوعى أو بغير وعى، فالمجلس العسكرى الذى التزم الحياد ونأى بنفسه عن إقامة أى تغييرات ثورية ترضى القوى الجديدة الراغبة فى تغيير حقيقى ونظام جديد، قد أيد بقصد أو بغير قصد النظام القديم مغلباً نهجه «التسويفى» على النهج «التغييرى» الحاسم، فلم يحاول الخروج من «صندوق مبارك» فى تعامله مع قضية بأهمية القضية الطائفية، فلجأ إلى المجالس العرفية لتسكينها بدلاً من الشروع فى إرساء دولة القانون الخطوة التمهيدية الأولى لبناء نظام جديد. وفى مؤتمره الصحفى التزم أيضاً عدم الاعتراف بالخطأ (ظاهرة الدهس بالأساس)، فرسخ فى الوعى الجمعى أن ثمة شيئاً لم يتغير، وبالتالى لم يدفع سوى إلى تآكل جسور الثقة بينه وبين شعب اصطدم به لأول مرة بشكل دموى.
واكتفى رئيس الوزراء من جهته بالخروج علينا بخطاب لم يعد إلى الأذهان إلا «الطريقة المباركية» التى تسعى إلى التسكين وليس العلاج. بالطبع، لم نكن نحتاج منه سوى تحقيق مطلب واحد رفعه الشعب وترجاه: تحقيق الأمن عبر إعادة هيكلة الجهاز الأمنى والقضاء على بلطجة أنهكت قوى المواطنين بغير حق، وهو ما لم تتحرك حكومته، ولو قيد أنملة، لمواجهته منذ ما يقرب من 7 أشهر فى مشهد أقرب إلى العبثية. بالقطع، النتيجة الحتمية لذلك هى شعب بدأ يتمنى ألف مرة عودة مبارك ونظامه بغية الأمن ولو على حساب الحرية والكرامة.
أما المجتمع الذى تركه النظام القديم جريحاً يئن من التجريف والفقر فقد انزوى أفراده بنخبتهم على ذواتهم، وفرض كل واحد منهم نفسه وصيا على غيره مفترضاً فى نفسه المعرفة، ومعطياً ذاته حق الوصاية على آخر افترض فيه عنوة قلة النضج وصغر العقل، ناسياً أو متناسياً أنه لا أحد يملك الحقيقة الكاملة بل يملك فقط جزءاً منها، ومن ادعى غير ذلك فهو خاطئ وكاذب.
أترونى متشائمة؟ لا لست كذلك، لأن ظهور النظام القديم على السطح مؤسسياً ومجتمعياً لا يخلق سوى آليات مناهضته، ولكن فقط إن توفرت لدينا الإرادة وأطلقنا العنان لخيالنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق